يتضاعف وزن الصراصير خلال شهر الصيام، ويصبح حجمها كبيرا وشكلها مخيفا، بسبب التخمة التي تصيبها بفضل النفايات "الرمضانية"، الغنية بالسكريات والدهون، الأمر الذي يزيد من صعوبة محاربتها بالطرق التقليدية...
وتستغل هذه الحشرة العنيدة انشغال الناس بقفة رمضان وطقوس العبادة التي ترافق هذا الشهر الفضيل، لتوسع غزوها في كل مكان، في المطبخ، وبين رفوف المكتبات، وداخل أجهزة التلفزيون والثلاجة والحاسوب، وكل الأماكن الرطبة وغير النظيفة.
ويلعب تزامن رمضان مع فصل الصيف، خلال هذه السنة، دورا إيجابيا لفائدة الصراصير، إذ تتكاثر بشكل خطير، ونصبح غير قادرين على كبح رغبتها في المزيد من التوالد.
حتى الحكومة تساعد هذه الصراصير على عدم تحديد نسلها، ففي غياب برنامج وقائي محدد لمكافحتها، تتقوى علينا وتتحدانا حتى في بيوت نومنا، غير آبهة برشات تلك المبيدات الملونة والرخيصة، التي نقتنيها من الباعة المتجولين أو من محلات بيع العقاقير.
عنصر آخر تستغله هذه الصراصير اللعينة لتكثف هجوماتها علينا وعلى أطفالنا، هو عدم خضوع المبيدات المستعملة في محاربتها للمراقبة من طرف الجهات المختصة، إذ أن هذه الأدوية تُباع في محلات غير متخصصة ودون رخصة من الوزارة الوصية، فكما يمكن اقتناؤها من محل لبيع العقاقير، يمكن شراؤها من الصيدلية أو من بقال الحي، أو حتى من بائع متجول في الشارع، علما أن أغلب قارورات هذه المبيدات لا تحتوي على معلومات تبين مصدر استيرادها أو مدى فعاليتها..
الصراصير المغربية تستغل أيضا غياب الشفافية والمراقبة في الجماعات الحضرية والمجالس البلدية، إذ رغم تخصيص الدولة لميزانية تقدر بالملايين لمحاربة هذه الآفة، إلا أنها تُصرف في قطاعات أخرى، لأن جل الأحزاب السياسية، إن لم نقل جميعها، لا تتوفر على برنامج أو استراتيجية معينة لحماية المواطن من أخطار هذه الحشرات السامة.
صراصيرنا ليست بليدة، فرغم أنها تسمع أن مجلس مدينة الدارالبيضاء يخصص أزيد من 170 مليون سنتيم لمحاربة الحشرات المضرة بصحة المواطنين، فإنها لا تثق البتة في الأرقام، ومستعدة لمزيد من الغزوات والهجمات، ما لم تلمس بالفعل أن هناك خطة وطنية جادة وفعالة لشن حرب شاملة عليها في كل المواقع، التي تحتلها، ركن ركن، دار دار، شبر شبر...