الجمعة 3 مايو 2024
سياسة

الملك والشعب ومزاعم بنكيران الخطيرة..

الملك والشعب ومزاعم بنكيران الخطيرة..

يمارس عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة وزعيم الإسلاميين الذين أدمجهم إدريس البصري في المشهد السياسي تدليسا خطيرا، فبعد أن طالب بعدم التفريق بين عمل الملك وعمل الحكومة قال في خطاب بمناسبة فاتح ماي "نحن سرنا في اتجاه تصالح الشعب بملكه، والملكية بشعبها". يعني هنا الزعيم الإسلامي أنه يعطي لنفسه وحزبه حجما كبيرا في تاريخ المغرب، وهو قريب من كلامه السابق الذي يزعم فيه أنه جلب الاستقرار للمغرب.

إذا كان بنكيران (هو وحزبه) قد صالح الشعب بملكه والملك بشعبه فإنه يكون قد خلق قبل "عام البون". هذا الادعاء خطير جدا. وينبغي الوقوف عنده بدقة حتى نعرف مخططات بنكيران من وراء ذلك.

يقول بنكيران "نحن سرنا في اتجاه تصالح الشعب بملكه، والملكية بشعبها".

ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني بالعربية وتعرابيت أن الملك كان في خصام مع شعبه. ما هي حجج بنكيران على ذلك؟ ومتى قام بعملية الصلح؟

في العلاقة بين الملكية والشعب هناك معطى لابد من الإشارة إليه. هناك علاقة الملكية بالشعب وعلاقة الملكية بالمعارضات المختلفة التي تمثل جزءا من الشعب.

ففيما يتعلق بعلاقة الملكية بالشعب هي واضحة في اتجاه التكامل. قبل أن يكون شيء اسمه حزب العدالة والتنمية وحتى قبل أن "يعقل" بنكيران، كان هناك شيء يسمى "ثورة الملك والشعب". قدر المغرب أن الثورة يقودها الملك والشعب ولن تنجح إذا قادها واحد منهما. قدره أن تكون الثورة مشتركة.

لماذا انتفض الشعب من الشمال إلى الجنوب رافضا رفضا مطلقا نفي السلطان سيدي محمد؟ لقد ربط الشعب بين السيادة والسلطان باعتباره رمز السيادة. ولم يهدأ الثائرون إلا بعودة الملك محمد الخامس إلى عرش بلاده. أين كان بنكيران؟

وفي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، ورغم التوتر مع المعارضة، عرف تلاحما بين الملك والشعب، والدليل على ذلك المسيرة الخضراء، التي لولا قراره بتحديد عدد المشاركين لأصبح الشمال فارغا من ساكنته، يعني أن كل المغاربة أرادوا تلبية نداء الملك.

ويوم مات الملك الحسن الثاني خرجت الملايين في جنازته، غاصت بهم شوارع الرباط، وجاء الناس راجلين من أماكن بعيدة لحضور جنازته.

وبعده تولى جلالة الملك محمد السادس حكم المغرب. ومن اليوم الأول تم تلقيبه بملك الفقراء نظرا لطبيعة تعامله الاجتماعية مع الشعب. ملك يحميه الشعب ويخرج للشارع دون بورتوكول. ونقول من اليوم الأول التحم الملك والشعب، وتم تتويج ذلك بثورة الملك والشعب الثانية التي أثمرت دستور 2011، الذي ما زالت الأيام تخفي تآمر العدالة والتنمية وتواطؤهم ضد مؤسسات الدولة.

بنكيران، الذي يزعم أنه قام بهذه المصالحة، واحد ممن سعى إلى "الخصومة" مرارا وتكرارا. هل نسي أنه قال ذات يوم "ما زال الربيع العربي كيتسارى ويقدر ترشق ليه ويرجع". لو رجع من كان يهدد؟ أليس شعار هذا الربيع هو "الشعب يريد إسقاط النظام".

أما علاقة الملكية بالمعارضة فهي طبيعية. عرفت شدا وجذبا واختلافا حول تدبير الشأن العام وانتهت بالإنصاف والمصالحة التي لا يد لبنكيران فيها بل أكل غلتها دون عناء.

ألا يستحيي بنكيران من ذاته؟