رغم أنه استهل كلمته بالقول، "لم يترك الأولون للآخرين ما يقولون"، فقد أفاض واستفاض عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، وهو يتحدث عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي تم تقديمها اليوم الثلاثاء 3 ماي الجاري بالرباط، "ومع ذلك سأحدثكم عن الفساد بطريقتي الخاصة"، يقول بنكيران، مخاطبا بعض أعضاء حكومته وفعاليات المجتمع المدني وممثلي الهيئات الديبلوماسية بالمملكة..

وفعلا كان بنكيران وفيا لنهجه في خلق الفرجة السياسية، مادام أن كثرة الفساد تضحك، فكانت "الخبيرة" الأولى تتعلق بجيش سيدنا سليمان، الذي كان يضم الإنس والجن وجميع الحيوانات، من الدواب إلى الطيور، والريح والعواصف.. وكان أن سأله، أحد جنوده، سؤالا منطقيا، "مادام أن جيشنا يضم الإنس والجن والحيوانات، فمن سنحارب؟ ومن تبقى من الخلق ليحاربنا؟".. لم يتفاعل الحضور كثيرا مع هذه "الخبيرة"، مما اضطر بنكيران، إلى أن ينتبه لـ "حموضة" كلمته واستشهاده، ويحاول تقريبها بالدارجة للحضور، "إذا كانت جميع القطاعات حاضرة واستنفرت جميع مصالحها من أجل الانخراط في هذه الاستراتيجية، فمن أين يأتينا كل هذا الفساد؟"، ليستطرد "إلا إذا كانت الشياطين هي مصدر هذا الفساد، وهي معروفة عندكم"، مطلقا قهقهة عالية..

داخل غرفة الترجمة الفورية، لوحظ توتر شديد من قبل المترجمين إلى لغات الفرنسية والإنجليزية، فمهما كانت براعتهم اللغوية، فهي سرعان ما تنهار أمام القاموس "الكلامولوجي" لبنكيران، وتجلت الصعوبة في ترجمة "الخبيرة"، الثانية، والتي تتعلق بمفهوم البركة، والتي لا يفهم معناها، حسب بنكيران، الذين درسوا الاقتصاد والتسيير والتدبير في جامعات أوربا وأمريكا. وليقرب الحضور من مفهوم البركة، قص عليهم "خبيرة الكلاب والنعاج"، مفادها أنه رغم التوالد المكثف للكلاب، وتفوقها في التناسل على النعاج، أضعافا كثيرة، ورغم أن استهلاك لحوم الخرفان، يكون أكثر من استهلاك لحوم الكلاب، فإن النعاج والخرفان تتصدر من حيث العدد الكلاب، "إيوا هاذي هي البركة"، يصيح بنكيران منتشيا، بابتكاره لمعلومة جديدة في علم الذبيح والسليخ.. فاللهم لك الحمد والشكر أن وليت علينا رئيس حكومة، لا قبل للمغاربة به..

هي إذن قواميس الكلاب والنعاج والشياطين والإنس والجان، استخدمها بنكيران، ليقرب الوزراء والسفراء من مخططه الاستراتيجي لمكافحة الفساد..