من الآن فصاعدا الفوز سيكون للأحزاب التي تتوحد حول مشروع « العدالة الإجتماعية » المدعومة بالهيئات الحقوقية التي تشتغل على تفعيل مقتضيات « العدالة الإنتقالية » ، لذلك من مصلحة الوطن ، ولتفادي التكرار ، تكرار القلاقل وكذا الانتهاكات الجسيمة ، ينبغي إعمال جيد وجدي ل « الحكامة الإجتماعية » المؤطرة بالأمن القضائي والحكامة الأمنية ، وإن عودة اليسار والوسط في أوروبا لتدبير الشأن العمومي ، ليس بالضرورة عودة للإشتراكية أو الشيوعية ولكن على الأقل مؤشر لبداية اندحار النيوليبيرالية ، ولانتعاش اللبيرالية غير المتوحشة بقيادة الديمقراطيين الإجتماعيين والاشتراكيين الديمقراطيين أو على الأقل ما يمكن أن يشكل جبهة عريضة لمكونات الطبقة الوسطى المتنورة.
فمن سيبادر لإطلاق مبادرة صياغة ميثاق وطني حول العدالة الإجتماعية يستلهم عناصره المقومة من الميثاق الوطني لحقوق الإنسان والمعايير الدولية لحقوق الإنسان ؟ أم أن التراخي السياسي والكسل الذهني سيرابط بين الخطوط المرحلية والاستراتيجيات ، في حلة تكتيكات شبيهة بمن يتعلم مشية الحمامة فأضاع مشية الغراب ، ليظل قدماء مفكرينا وثوارنا حتى ، يتفرجون في لوحات المشهد ، تتغير أمامهم ،مكتفين بالوصف ، في أحسن تقدير ، والحال أنه مطلوب من الجميع العمل على تغيير جواهر الأمور ؟
صحيح أنه تم اختزال القطبية الثنائية في الصراع السياسي بين حزبين انتخابيين ، اقتسما الهيمنة على المقاعد محليا وجهويا ، لكن يظل الرهان قويا على البعد الاجتماعي والحقوقي ، وهو أصل أسباب وجود الحركات التحررية والتقدمية ومصدر قوتها تاريخيا ، فحتى الأحزاب الوطنية والديمقراطية التي انخرطت في ديمقراطية الواجهة وحولت استراتيجيتها التنظيمية إلى وكالات انتخابية ، لن يسعفها الواقع الاجتماعي المرير ، فالعمل الجماهيري والتعبيرات الإجتماعية ، في مسيس الحاجة إلى تأطير بخلفيات تقدمية واستشراف ديمقراطي ، فإما أن تنخرط بعد رد الاعتبار لاستراتيجية النضال الديمقراطي العام ، وإما « ستناضل » بالوكالة عنها قوى أخرى ، تعزز موقعها باسم الحداثة أو الإحسان ،أو باسمهما معا لا فرق ، مادام شعار وحدة اليسار غارق في وحل ديماغوجيا « الحقيقة الثورية ».