اكتشف المغاربة مع الوزيرة شرفات أفيلال أن المهمة الوزارية "شاقة وعسيرة"، وأنها لا ترقى إلى "جوج فرانك" التي تصرف لمعاشات الوزراء، بل الأدهى من ذلك اكتشفوا أن الوزير الذي يقضي خمس سنوات في مهمته كأنه يشتغل 15 أو 20 سنة، وبالتالي فهو يستحق 8000 درهم أو أكثر.
فعلى من تضحك أفيلال التي صنعت من ذكرى الملك الراحل الحسن الثاني سورا يعزز كلامها، وقالت إنه هو من وهب الأعطيات، وأن خطاب المنددين بمعاش الوزراء خطاب شعبوي، ولا يرقى إلى مستوى القضايا الأساسية للبلاد؟
شرفات أفيلال، الوزيرة في الحزب الشيوعي السابق، تدافع على تسمين الوزراء، وعلى اقتصاد الريع، وعلى نظام الهبات والامتيازات، في حين أن ملايين المغاربة لا يستطيعون تأمين ثمن خبزة واحدة.
شرفات تطل من شرفة الأميرة التي اندهشت لمرأي شعب يحتج أمام القصر للمطالبة بالخبز. فما كان منها إلا أن قالت مستنكرة: "إذا لم يجدوا الخبز، فليأكلوا البسكويت" !
شرفات أفيلال لا تعرف معنى الجوع، وربما لا تعرف السميغ؛ ولا غرابة في ذلك، فهي كائن فضائي يعيش على الطاقة والمعادن والماء والكهرياء. إنها من بيئة أخرى، ليس من بيئة "جوج فرانك".. إنها "اشتراكية"، لكنها اشتراكية على حدود البرلمان والحكومة. ليس هناك شعب سوى شعب البرلمان، وليس هناك بروليتاريا سوى "البروليتاريا الوزارية"..
شرفات أفيلال مهندسة، وهي بالتأكيد تهندس كلامها، وهي رسالة موجهة إلى رئيس "الخوانجية" كي يتصدق على البرلمانيين والوزراء بمزيد من المال. الحسن الثاني أعطاهم "جوج فرانك" مقابل المهام الشاقة والعسيرة، وبنكيران مدعو لأن يسوي وضعيتهم المادية، لأنهم يشتغلون في الجبال والوديان، برا وجوا، من أجل السهر على راحة المواطنين. فلا يعقل أن يرفع رئيس الحكومة سعر السكر والزيت والدقيق والبنزين، دون أن يرفع أجور الوزراء والبرلمانين المحكومين بالأشغال الشاقة المؤبدة. ينبغي على الشعب أن يرق لأحوال وزرائه وممثليه في البرلمان، وأن يرفع الحيف عنهم..
شرفات أفيلال هي عضو بالديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وتعلم جيدا ما معنى التوزيع العادل للثروة، وهي تنتمي لنادي أطر الحزب، وتعلم جيدا أن الحل لإيجاد مخرج للبؤس الاجتماعي الذي يتخبط فيه المغاربة هو تسمين الوزراء، والرفع من حجم العلف، حتى يكون باستطاعتهم تحمل المشاق والمحن..
شرفات أفيلال، وزيرة رقيقة وحساسة، ولا تحب الفقر، وتحاربه بكل ما أوتيت من قوة. وهي الآن تحارب فقر الوزراء والبرلمانيين.. وربما ستفكر في إطلاق حملة وطنية أو دولية لدعم الحكومة والبرلمان، عبر الإذاعات والتلفزيون والأنترنت. والأكيد أن المغاربة، الذين يعرفون محن البرلمان والحكومة، سيستجيبون للدعوة وسيساهمون كما ساهموا في بناء مسجد الدار البيضاء. المغاربة طيبون، ولن يتأخروا في سد حاجيات حكومتهم ووزرائهم..
شرفات أفيلال أذكى الوزيرات، وهي التي عبرت بصدق عن روح التضامن الحكومي والبرلماني، وتستحق منا كل التشجيع..
وفي الختام : "آش نكول ليك ياالوزيرة: الله ينعل للي ما يحشم، طايحتي الذل على المغرب".