الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

العلامة الحسيني: من المستفيد من تفشي الإرهاب وانتشاره؟

العلامة الحسيني: من المستفيد من تفشي الإرهاب وانتشاره؟

لم يمض سوى 3 أسابيع تقريبا على هجمات الجمعة الإرهابية في باريس، حتى نقلت وسائل الإعلام خبر هجوم مسلح في مدينة سان برناردينو في ولاية کاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريکية، والتي قتل من جرائها أكثر من 14 شخصا وأصيب 20 آخرون على الاقل. هذا الهجوم الذي حدث في مکان عام، يحمل من دون أدنى شك بصمات إرهابية واضحة، خصوصا عندما نرى الضحايا أناسا مدنيين عزل، تماما کما حدث في باريس وفي الکثير من مدن المنطقة التي يهاجمها إرهابيون من تنظيمات وجماعات متباينة.

الهجمات الإرهابية التي صارت اليوم الشغل الشاغل للبلدان الغربية وللبلدان العربية وللعالم بأسره، خصوصا بعد التهديدات المستمرة التي صدرت خلال الاسابيع الاخيرة، يبدو واضحا من أنها باتت تکتسب ملامح وسمات خاصة بحيث تکاد أن تميل لتحديد الارهاب و حصره في تنظيم داعش خصوصا وفي الاسلام السني عموما. والغريب، والأکثر إلفاتا للملاحظة والنظر، هو أن هناك مساع وجهودا محمومة تبذل من أجل جعل الإرهاب ذو شکل داعشي ومضمون سني، ولسنا نذيع سرا إذا ما قلنا إن الجهة التي تقف خلف هذه المساعي والجهود هي النظام الإيراني بحد ذاته.

الحديث عن حصر الإرهاب وتحديده بتنظيم داعش، هو مسعى مشبوه تماما، ذلك أنه، وبالعودة إلى کيفية ظهور وانطلاق وبروز داعش، نجد أن المسألة برمتها لها علاقة قوية جدا بالأحداث والتطورات في سوريا والعراق، خصوصا إذا ما علمنا بأن داعش لم يکن له من وجود ودور قبل عام 2013، وقد ظهر وبرز بعد هذه السنة عقب الأوضاع الحرجة التي أحاطت بالنظام السوري. والأکثر غرابة أنه وفي فترة متقاربة من ظهور داعش هرب 1500 من المتطرفين المعتقلين في العراق في عهد نوري المالکي، کما تم في سوريا إطلاق سراح المئات من المتشددين السنة في نفس الفترة.. وکلا المجموعتين الضخمتين شکلتا أساسا ونواة لتنظيم داعش، وکما نعرف فإن الحاکم المطلق في العراق وسوريا هو نظام ولاية الفقيه الإيراني، ولذلك فإنه ليس من الممکن أن لا يکون على إطلاع وبينة بکل تفاصيل ودقائق الامور.

اتساع دور داعش وبروزه کان، کما نعلم جميعا، على حساب المعارضة السورية الديمقراطية وهي خدمت النظام السوري کثيرا، ذلك أنها جعلت المجتمع الدولي عموما والغرب خصوصا يتخوفون کثيرا من دعم المعارضة السورية بعد أن طغى عليها داعش، حيث أنها غيرت کثيرا من المعادلة القائمة على ساحة الاحداث في سوريا.. إذ وبدلا من النظام أم المعارضة الوطنية، صارت المعادلة النظام أم تنظيم داعش! وبطبيعة الحال فإن هذا الأمر قد خدم، کما نرى، النظام في سوريا وکان يصب لصالح السياسة الإيرانية في سوريا خصوصا والمنطقة عموما.

الأمر الذي يجب أن ننتبه إليه دائما وأن لا ندعه يغيب عن بالنا أبدا هو: هل حقا أن الإرهاب منحصر ومحدد بداعش فقط؟ وهل أن التطرف والإرهاب يختص به الإسلام السني كما يروج ويدعى؟! هذا يدفعنا لکي نتجاهل، وعن عمد وقصد واضحين، ما قد ارتکبته الميليشيات المسلحة التابعة لإيران في العراق من مجازر وجرائم إبادة بحق الطائفة السنية والتي وثقت الکثير منها منظمة العفو الدولية ورکزت عليها کجرائم ضد الإنسانية، ناهيك عما ارتکبته الميليشيات والعصابات المسلحة الأخرى في سوريا بحق المدنيين العزل من أبناء الطائفة السنية أيضا. وإن الأغرب من ذلك أن الشخص الذي يشرف على حملة حصر الإرهاب بداعش والإسلام السني هو بنفسه کان وراء محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير (وزير الخارجية حاليا).. ولهذا فإنه ليس من المهم فقط، وإنما من الضرورة الملحة أيضا أن ننتبه جدا من الدوافع والأهداف والغايات التي تختفي خلف حصر الإرهاب بداعش والإسلام السني. وهنا لسنا في صدد الدفاع عن داعش، وإنما نحن في صدد عدم التغطية على الإرهاب بشقيه الشيعي والميليشياوي والحرس الثوري المنظم والموجه من قبل طهران، لأن العالم إذا ما فعل ذلك فإنه لن يرتکب خطأ کبيرا فقط، وإنما أيضا فاحشا لا يمکن تحديد عواقبه أبدا.