الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عادل الزبيري :لا أملك كصحافي معتمد أي وسيلة للي الذراع

عادل الزبيري :لا أملك كصحافي معتمد أي وسيلة للي الذراع

أعترف أولا أنني لم أشارك في أي مشاورات لا من قريب ولا من بعيد، ولم يتواصل أو يطلب أي طرف حكومي رأيا مني، في وضع أي تصور جديد، في المغرب، لمشروع قانون الصحافة المرتقب ولادته، ولو قيسريا، تحت مظلة أول حكومة يقودها في تاريخه، حزب العدالة والتنمية.

وأعترف أنني لا أنتمي إلى أي جسم نقابي أو مهني، لأنني مصنف في خانة المعتمدين، أي المعلقين في الأرض، أي فئة قليلة عدديا، وتشتغل من المغرب، مع مؤسسات إعلامية دولية.

وأعترف أني لطالما تواصلت مع وزراء حاليين، قبل استوزارهم، ليكونوا ضيوفا عندي، وتحدثت معهم طويلا في جلسات ودية، عن ماذا يعني أن تكون صحافيا معتمدا في المغرب؟؟؟

ولا تتوفر هذه الفئة؛ الصحافيون المهنيون المعتمدون، على أي حقوق مهنية أو اجتماعية؛ أو تخفيضا في بطاقات القطار، أو ولوجا سهلا إلى الضمان الاجتماعي، أو حظا في صناديق التقاعد المهني، إلا بطاقة الصحافة، التي تصدر سنويا حاملة لتوقيع الوزير، الوصي على القطاع، بعد تقديم طلب ورقي للاعتماد ووثائق بنكية.

وأطالب بتمييز قانوني جد إيجابي، بين الصحافيين المعتمدين من المغاربة وبين الصحافيين المعتمدين من الأجانب، فما أمصعب مرارة الإحساس بالغربة في الوطن، فهنالك من يتطلع إلى إسقاط الانتماء من باب المهنة.

ولأن وزارة الاتصال، في إعدادها لمشروع القانون الجديد للصحافة، لا تهتم ربما، في تقديري، بآراء من يشتغلون مع مؤسسات إعلامية دولية، قررت بشكل اختياري أن أنشر رأي الشخصي، لعل وعسى، تجد هذه الأفكار طريقها إلى من يهمهم الأمر، ويتمكنون من تغيير رؤية المشرع المغربي، وتطوير فصول في القانون، تكون لصالح الصحافي المهني المعتمد.

وأؤكد أولا، من باب الموقف الشخصي، أني مبدئيا ونهائيا، ضد استمرار الاشتغال في المغرب، بقانون للصحافة، إيمانا بتجارب أنجلوساكسونية، لا تعترف بقوانين للصحافة، ولو أني أعلم أن قلبنا، لا يزال مؤمنا بما هو فرنسي.

ومن داخل ما ظهر من المشروع الجديد للصحافة، فإن الصحافيين المعتمدين، أمامهم سنوات سيشتد فيها اللون الرمادي ربما، لأن القضاء سيصبح قادرا على سحب الاعتماد، أي المنع من ممارسة الصحافة مع مؤسسة دولية، وهذا في تقديري أمر خطير، لأن المنع الحالي هو إداري، ما يمكن من التعايش معه وإقناعه بالتراجع، بعد تقديم شروحات وتفسيرات، فهل سيكون ممكنا نفس الأمر لاحقا مع القضاء؟

ولا يزال مشروع القانون الحالي، ينظر إلى الصحافي المعتمد، على أنه شر لا بد منه؛ من خلال غياب فصول تفصل في شرح واجبات وحقوق الصحافيين المعتمدين من المغاربة، أو على الأقل تعلن أنهم صحافيون كباقي الصحافيين المغاربة، إذا كان الصحافي المعتمد مغربياً.

ويعاني الصحافي المغربي، المعتمد مغربيا لصالح مؤسسات إعلامية أجنبية، من ركنه، منذ عقود، في الزاوية الضيقة، أي أنه غير مرغوب فيه، لا قليلا ولا كثيرا، لأنه متهم إلى أن يثبت العكس، بخيانة الوطن من نافذة المهنة، مع سبق الإصرار والترصد؛ وهذه الترسبات للأسف الشديد، تنتمي إلى زمن عهد ولى وانتهى، وخرج منه المغرب دستوريا وسياسيا، ولكن لا يزال لهذا المنطق حرس قديم، يسكن في الإدارات.

وجاحد بالخير، من لا يعترف لغالبية الصحافيين المغاربة، من المعتمدين، بأنهم سفراء للمغرب، عبر العالم، بما يكتبون وبما يصورونه من تقارير مصورة، لمؤسسات إعلامية دولية، توصل صورة المغرب إلى الخارج، في ظل فشل بنيوي وداخلي للإعلام الحكومي المغربي.

ففي الأشواط الإضافية، من زمن النقاش حول قانون الصحافة، من الواجب على وزاة الاتصال، أن تنتبه إلى وجود فئة من المستضعفين، من الصحافيين، كحاملين لبطاقة صحافي، وكسفراء ناقلين دوليين لصورة المغرب، في زمن الأسلحة الناعمة العابرة للقارات.

وبكل صراحة، في نهاية كلامي، أعترف بأني لا أملك كصحافي معتمد، أي وسيلة للي الذراع وللضغط، كما تفعل نقابات الصحافيين وفيدرالية الناشرين، إلا أن إبلاغ الرأي، هو أضعف الإيمان، لمن أراد إنصاتا، ولو قبيل صافرة نهاية المباراة، فأن تصل متأخرا خير من أن لا تصل أبدا، كما يقولون.