لست أدري ما الذي جعل الإعلام يركز على دور المخابرات المغربية في التحقيق حول حوادث فرنسا الإرهابية وربطها بالاستقبال الذي سيخصصه الإليزي للملك محمد السادس.. والحال أن المغرب وطن ذو سيادة، له مصالح مشتركة وحقوق والتزامات متبادلة مع فرنسا، أعظم من أن تختزل في الدور الأمني المخابراتي، الذي يمكن أن يشكل فرصة للشكر فقط والامتنان المجاملاتي... لكن لحظة تاريخية لمراجعة العلاقات وتصفية الأجواء وسداد الدين التاريخي المتخذ في ذمة فرنسا ومعها اسبانيا. فما يعانيه المغرب من أزمات لا يمكن فصله بنيويا عن تداعيات نصف قرن من الحماية، وقرن من التبعية المالية والثقافية، بغض النظر عن قضايا التعاون القضائي وتسليم الأرشيف والخرائط وتبادل الخبرات العلمية قبل الأمنية، خاصة ونحن نخلد ذكرى عودة المغفور له محمد الخامس الذي فضله الوطنيون والمقاومون على الاستقلال، فحولتهم سنوات الرصاص إلى مجرد معارضين ينشدون الاستقلال الثاني، مادام الاستقلال المزعوم لم يكن سوى فسخ لعقد الحماية دون تصفية لفلول ورواسب الاستعمار الثقافي والاقتصادي.
فعلى المغرب أن يستكمل شروط التحرر بالديمقراطية حتى لا ينظر إلى المغاربة مجرد مقاومين إرهابيين أو جنود السخرة في المستعمرات، أو في أحسن الحالات يوصمون بخدام المقاربة الأمنية في مجال الهجرة وقضايا الإرهاب الدوليين.
لقد قطع المغرب الجديد مع الأدوار التقليدية التي كان يلعبها في إفريقيا الثورات والانقلابات.. والآن حان الوقت لتمثل قيم التنوير بعد أن تخلت عنها حكومات ما بعد الجمهورية الخامسة.. فالحرب على الإرهاب، كما القضاء على الفقر شأن عالمي مشترك... فليس هناك مقرر وهنا منفذ.