الأربعاء 27 نوفمبر 2024
فن وثقافة

3 أيام من التسامح والتعايش والمتعة الروحية عاشتها الصويرة في مهرجان الأندلسيات الأطلسية

3 أيام من التسامح والتعايش والمتعة الروحية عاشتها الصويرة في مهرجان الأندلسيات الأطلسية

أسدل الستار أخيرا على فعاليات الدورة 12 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية بالصويرة، الذي عرف هذه السنة مشاركة مغنين وعازفين من المغرب وإسبانيا، اختاروا المجيء إلى مدينة الصويرة ليتقاسموا مع سكانها وزوارها لحظات من الفرح والإبداع الفني الراقي، من ضمنهم الفنانات نبيلة معان وزينب أفيلال وسناء مرحاتي وعبد الحق الكعب وبنجامين بوزغلو والإخوة أفريات وكوكو وتوردجمان وحسام الغيني والفنان أمين الديبي رفقة مجموعته "شباب الأندلس"، إلى جانب الفنان جيريمو سيغورا مرفوقا بالراقصة أناييل فيلوسو المتوجة في الدورة 16 لسباق الرقص الإيقاعي والرقص الاسباني والفلامنكو بمدريد، إضافة إلى الإخوة العبدلاوي ومجموعة رشيد أشاهد من الصويرة.

وبحسب عدد من المهتمين بالشأن الموسيقي، في لقائهم بالصحافة على هامش حفلات المهرجان، فإن هذا الأخير يعد عن جدارة  واستحقاق، موعدا سنويا للاحتفاء بفنون الموسيقى الأندلسية من خلال برمجة غنية بألوان فنية مغربية كالمطروز والشعبي والغرناطي والشكوري.. الآمر الذي جعل من المهرجان ملتقى لمحبي الطرب الأصيل من مختلف القارات والجنسيات والديانات والأعمار، وأكسب الصويرة صيتا عالميا كفضاء للمتعة الروحية وكمنبر لنشر ثقافة التعايش والتسامح والانفتاح ونبد كل أشكال العنف والتطرف والمغالاة.

Andalouss-Souira-1

ثلاثة أيام، وإن كانت غير كافية بحسب عدد من محبي المهرجان، فإنها تمكنت من فتح أبواب مدينة الصويرة على مصراعيها لعشاق الموسيقى الأندلسية الأصيلة للاستمتاع بأحلى وأعذب الأغاني بأصوات فنانين متميزين في مجال الطرب الأندلسي بمختلف تلويناته، من خلال حفلات ناجحة استقطبت إليها جمهور عريض لم تتمكن فضاءات العروض بدار الصويري والقاعة المغطاة من استيعابه، استمتع خلالها بمعزوفات و مقطوعات شيقة حلقت بخياله في عوالم من الكلمة الموزونة واللحن الجميل والأداء الراقي، كما تابع باهتمام منتدى الأندلسيات للصويرة وأمسيات صوفية أحيتها فرقة عيساوة ومجموعة الزاوية الدرقاوية الحراقية برئاسة أحمد مرينة.

وشكل المهرجان، الذي نظمته جمعية الصويرة موكادور بشراكة مع مؤسسة الثقافات الثلاث تحت شعار "الشباب والإبداع"، موعدا متميزا لاستحضار التراث الموسيقي المغربي، ووقفة لرد الاعتبار لرجالاته ونسائه من مسلمين ويهود، كما شكل من جهة ثانية مناسبة مهمة للفنانين المغاربة والإسبان للانتشاء بالموسيقى التاريخية في أجواء حميمية راقية تسودها المحبة والمودة الصادقة.

واعتبر المهرجان، من جهة أخرى، مناسبة تم خلالها عرض الفيلم القصير "يا الحمامة" لمخرجه آمية حاي كوهين يتضمن مشاهدا من كواليس الدورة 11 لمهرجان الأندلسيات الأطلسية، والفيلم الطويل "عايدة" لمخرجه إدريس المريني بحضور الممثلة مجيدة بنكيران وجمهور غفير من عشاق السينما من مغاربة وأجانب.

وفي كلمة له قبيل عرض الفيلم، أثنى أندري أزولاي مستشار الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موكادور، على المجهودات الكبيرة التي بذلت لإنجاز الفيلم، معتبرا إياه عملا يستحق التنويه والإشادة لأنه تناول بشكل فني وعميق مسألة الذاكرة المغربية وحضور اليهود المغاربة في هذه الذاكرة، مضيفا أن الجيل الحالي في أمس الحاجة لمعرفة تاريخ وطنه ومكونات هذا الوطن المتشبع دوما بالقيم الكونية المتمثلة في الانفتاح والتسامح والتعايش.

لحظات مؤثرة تلك التي عاشها المخرج إدريس المريني والممثلة مجيدة بنكيران عقب انتهاء عرض الفيلم، إذ توافد للسلام عليهما ومعانقتهما جل الحاضرين الذين تابعوا العرض، وفي مقدمتهم اليهود المغاربة القادمين من أمريكا وأوروبا وآسيا، وشدوا على أياديهما بحرارة منوهين بمضمون الفيلم وببراعة الممثلين في الأداء والتشخيص.

Andalouss-Souira-2

وأجمع الحاضرون الذين تابعوا العرض السينمائي، على أن فيلم "عايدة" يعد نقلة جديدة في تاريخ السينما المغربية من حيث تناوله للذاكرة المغربية بكل تلويناتها ومكوناتها، مبرزين أن الأعمال السينمائية التي تتناول هذه الذاكرة نادرة جدا، قائلين إن الوقت قد حان لإيلاء هذا الجانب ما يستحقه من عناية واهتمام.

يذكر أن فيلم "عايدة"، يروي قصة "عايدة" وهي سيدة مغربية يهودية، تشتغل أستاذة الموسيقى بباريس، أصيبت بالسرطان فقررت العودة إلى المغرب لتسترجع ذكريات الطفولة قبل أن يداهمها الموت وهي تعرف أن لا أمل في شفائها. والفيلم بصفة عامة يتطرق للعلاقات الاجتماعية التي تربط بين اليهود والمسلمين في المغرب بعيدا عن أية تعقيدات، علاقات كان قوامها الاحترام والتعاون والتضامن والصدق في المعاملات. يشار إلى أن الفيلم اختير للمشاركة في تصفيات جوائز"الأوسكار 2016" لأفضل فيلم أجنبي.