السبت 4 مايو 2024
سياسة

الوفد اليساري المغربي: توصية البرلمان السويدي بالاعتراف بالجمهورية المزعومة لن تعرض على لجنة علاقاته الخارجية

الوفد اليساري المغربي: توصية البرلمان السويدي بالاعتراف بالجمهورية المزعومة لن تعرض على لجنة علاقاته الخارجية

قالت نبيلة منيب، رئيسة وفد أحزاب اليسار المغربي الذي زار السويد، أن الزيارة الأخيرة كانت ناجحة بامتياز، لكن منيب حذرت في نفس الوقت خلال ندوة صحفية عقدها الوفد اليساري بعد عودته صباح يوم الجمعة 9 أكتوبر2015 في الرباط والتي تابعتها "أنفاس بريس" من وجود خطر محدق بالعلاقات المغربية السويدية، علما أن حكومة السويد الحالية هي حكومة أقلية تضم كل من حزب الديمقراطيين الإجتماعيين وحزب الخضر والذين سبق لهما الإعتراف بالجمهورية المزعومة عام 2012 لما كانا يشكلان أغلبية برلمانية.

وفي هذا السياق، أكدت على أن الحكومة السويدية هي ضحية خلط للأوراق مما جعلها تعتقد أن مشكل الصحراء شبيه بالقضية الفلسطينية، وأوضحت أن لقاءات الوفد اليساري المغربي بالمسؤولين السويديين ركزت على خطورة إنشاء دولة جنوب المغرب والتي ستكون لها تداعيات وخيمة على السلم والاستقرار بالمنطقة، منبهة إلى أن انفصاليي البوليساريو يتغلغلون بقوة داخل المجتمع السويدي المتشبع بثقافة حقوق الإنسان والمنخرط بكثافة في الجمعيات والمنظمات الحقوقية.

وتابعت منيب أن كل هذا يحدث في غياب دبلوماسية مغربية قوية بالسويد وفي غياب دبلوماسية تشاركية، مشيرة إلى أن خطاب الوفد اليساري المغربي حظي بالقبول لدى المسؤولين السويديين بما أنه ركزعلى أهمية الحفاظ على السلم في المنطقة وعلى أهمية التعاون بين الشعوب، وبناء المغرب الكبير من أجل إخراج شعوب المنطقة من حالة التخلف.

كما لفت الوفد المغربي المسؤولين السويديين إلى أهمية الدفع في التفاوض داخل المنتظم الدولي بين المغرب وجبهة البوليساريو من أجل تخويل الصحراء حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية. وأشارت أنها دعت المسؤولين السويديين إلى زيارة الصحراء للاطلاع على الوضع، كما اوضحت لهم حقيقة ما يجري في مخيمات تندوف، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بمحتجزين على التراب الجزائري، نافية وجود أي تمييز تجاه الصحراويين، بل بالعكس - تضيف منيب - هناك  تمييز إيجابي عكسته الجهود والأموال الضخمة التي صرفت من أجل بناء الأقاليم الجنوبية.

وقالت نبيلة منيب خلال الندوة الصحفية، أن الوفد اليساري المغربي لاحظ غياب معلومات كافية لدى المسؤولين في الدولة السويدية، كما أبدى الوفد المغربي انزعاجه من لجوء السويد إلى أسلوب الضغط الاقتصادي في علاقتها بالمغرب على خلفية التوتر الأخير، وأشارت إلى أن الوفد اليساري المغربي عقد لقاءات وصفتها بالهامة جدا مع كل من نائب رئيس البرلمان السويدي وكاتبة الدولة السويدية في الشؤون الخارجية، والتي تحدثت إليها رأسا لرأس، ومع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السويدي ومراكز الأبحاث التي اعتبرت قضية الصحراء شأنا داخليا، موضحة أن المسؤولين السويديين تفهموا الوضع مؤكدين دعمهم لجهود التسوية الأممية لقضية الصحراء.

ودعت منيب خلال الندوة إلى أهمية بلورة استراتيجية متكاملة للتعاطي مع قضية الصحراء مبنية على الحق والقانون، علما أن خصوم المغرب يتحركون في جميع أرجاء العالم مشددة على أهمية تبني المغرب لاستراتيجية هجومية وتشاركية وليست دفاعية، والاعتماد على فعاليات ذات مصداقية، علما أن الأجانب يعرفون أن الشعب المغربي شعب عظيم - على حد قولها.

من جانبه قال القيادي الاتحادي محمد بن عبد القادر، أنه لأول مرة تم تدشين حوار سياسي مؤسساتي مع المسؤولين السويديين، مشيرا إلى أن الوفد المغربي ارتكز على دفوعات قوية قدمها للطرف السويدي، حين دعاه إلى عدم التركيز فقط على مخيمات تندوف بل على المنطقة ككل. كما دعاه إلى طرح سؤال: هل خطوة الاعتراف بالجمهورية المزعومة ستسهم في تطور المنطقة وتنميتها واندماجها في العولمة في إطار بناء المغرب الكبير وبناء خط أوروبا -  المغرب الكبير وإفريقيا ما وراء الصحراء والذي سينعكس إيجابا على تطور التنمية البشرية والتنمية الديمقراطية؟ كما طرح على المسؤولين السويديين سؤال: هل ستسير السويد لوحدها خارج المنتظم الدولي؟ هل ستغامر بالوقوف إلى جانب بضع عشرات من "المضطهدين" مقابل 40 مليون مغربي يبنون في أفق آخر من أجل تطلع آخر؟ وهي المعطيات التي اهتم بها المسؤولون السويديون - يضيف بنعبد القادر - الذين نفوا وجود قرار حكومي بالاعتراف بالجمهورية المزعومة بل كل ما هناك هو مسار مؤسساتي لتوصية بالاعتراف بالجمهورية المزعومة.

وأشار بنعبد القادر أن نائب رئيس مجلس النواب السويدي أكد للوفد اليساري المغربي أن الحكومة السويدية ليست ملزمة بالاعتراف بما يسمى الجمهورية الصحراوية، حتى ولو تم اتخاذ القرار من طرف البرلمان، مؤكدا خضوع السويد للمعايير الدولية فيما يتعلق بالاعتراف بدولة معينة، مشيرا إلى أن المسؤولين السويديين طمأنوا الوفد المغربي برغبتهم في توطيد العلاقات مع المغرب.

بدورها أكدت رشيدة الطاهري، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على أهمية وضع استراتيجية متكاملة للتعاطي مع قضية الصحراء، مؤكدة على أهمية الدبلوماسية الموازية بجميع مكوناتها: الحزبية، الثقافية، الاقتصادية، كما شددت على أهمية مأسسة الدبلوماسية الحزبية.

مصطفى بوعزيز، المؤرخ وعضو الوفد اليساري المغربي، أشار من جهته إلى أن زيارة الوفد اليساري المغربي للسويد صادفته ثلاث عقبات: أولها التعاطف الكبير مع البوليساريو من طرف فئات عريضة من المجتمع السويدي بدون معرفة بملابس القضية والذي يعود إلى النشاط القوي البوليساريو بالسويد وحجم التمويل الكبير الذي تحظى به من قبل الجزائر، مشيرا إلى أن البوليساريو استفادت مت علاقات القرب  التي نسجتها مع المجتمع السويدي.

أما العقبة الثانية، يضيف بوعزيزي، فتتمثل في الصورة السلبية للمغرب حسب - قوله - أي معادلة نظام قامع في مواجهة شعب مقموع.

والعقبة الثالثة هي جهل الوفد اليساري المغربي بملابسات الأزمة مع السويد، فالأمر يتعلق بأزمة تعود إلى 2012 لما صدرت توصية عن البرلمان السويدي بالاعتراف بالجمهورية المزعومة، لكن الوضع الآن مختلف، والحكومة السويدية هي حكومة أقلية ، فهناك حزب يساري لا يشارك في الحكومة، ناهيك عن ما يحمله البرلمان السويدي اليوم من عدم استقرار، واليوم تم إحياء هذه التوصية من طرف هذا الحزب اليساري المعارض، والمسطرة تتطلب عرض التوصية على لجنة العلاقات الخارجية وحصولها على الأغلبية لكي تتحول إلى توصية للبرلمان السويدي، والمسطرة لم تبدأ بعد، مما جعل السويديين يتساءلون عن فحوى التحركات المغربية بينما المسطرة المتعلقة بالتوصية لم تنطلق بعد - يضيف - بوعزيز، مؤكدا بأن الوفد اليساري المغربي تمكن من تحقيق اختراق مهم في البناء السياسي والوجدان السويديين، مطمئنا الرأي العام الوطني بأنه وفق لتقديرات الوفد اليساري المغربي، فإن التوصية لن تعرض على لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان السويدي.