السؤال أطلقه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قبل شهر، ليس لحض هذه الجماعة المتطرفة على فتح جبهة جديدة، فهو لا يملك أي سلطة عليها، وليس مرشدها السياسي، بل لأن هذه 'المهادنة' الضمنية بين الطرفين، تتناقض والأهداف الدينية والمذهبية التي أعلنها تنظيم 'الدولة الاسلامية في العراق والشام'.
يعود السؤال مع التفجير الارهابي الاخير الذي استهدف مسجد قوات الطوارئ السعودية في مدينة ابها، وسبقته تفجيرات 'داعشية' في مساجد المنطقة الشرقية، وتفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت، الذي يؤمه المسلمون الشيعة، ولحقته تفجيرات في تركيا، وقبل ذلك بأسابيع، قتلت التفجيرات في تونس عشرات السياح في أحد المنتجعات، إضافة إلى تفجير سوق في ديالى العراقية. وقد سقط في هذه العمليات ما يزيد على 190 مدنيا. وكانت حركة 'أنصار الشريعة'، الموالية لـ'داعش'، نفذت تفجيرات في 6 مساجد في اليمن أثناء صلاة الجمعة، في آذار ونيسان الماضيين، أودت بحياة 170 مصليا.
واضح أن هذه التفجيرات تستهدف استدراج الفوضى إلى هذه الدول و'تأديب' أبنائها على ولائهم الوطني ما فوق المذهبي، واستنفار الإستعداء بينهم، خصوصا أن التنظيم يصف كل من يخالف آراءه وتفسيراته الدينية، بالردة والشرك، ويستحل دماءهم.
وبرغم أن التنظيم يعلي من عدائه للمسلمين الشيعة، فإنه يجعل من المسلمين السنة طرفين، أحدهما 'أهل السنة'، وهم المؤيدون له، ويسمي الآخرين بـ'السنة'، ويهددهم، كما يهدد 'الروافض'، ولا يميز في العداء بين هؤلاء وأولئك.
وبالتفجيرات الأخيرة، في الكويت والسعودية، يعلن 'داعش' تصميمه على نقل حربه إلى دول الخليج، إلى جانب تركيا، وهي دول ذات غالبيات سنية واضحة، فيما يترك 'خصومه' المذهبيين، أي الشيعة في الدولة الشيعية الكبرى، ايران، آمنين.
يلحّ السؤال أكثر عند التذكر أن فصل 'داعش' عن 'القاعدة'، وهي التنظيم الأم، أبرم في شباط 2014، بعد صراع بينهما استمر 8 أشهر، ووصف الثاني الأول بأنه 'تنظيم وحشي سيئ السمعة'.
كان يمكن الأمر أن يؤشر، لاحقا، لنشاط 'داعشي' في ايران، ولاسيما أن أبا محمد العدناني، المتحدث باسم التنظيم، كشف أن مهادنة 'الجمهورية الإسلامية' كانت 'للحفاظ على مصالح القاعدة، وخطوط إمدادها'، فتُرك 'الروافض ينعمون بالأمن والأمان'، كما قال، لكن شيئا لم يهز استقرار الأخيرة بعد ذلك.
قبل أن يكون 'داعش'، كانت العلاقة بين 'القاعدة' وطهران مثيرة للتساؤل. فالتنظيم يمثل العدو الأشد للشيعة، ودولتهم ايران، وهو ما أوحى بأن ما ألّف بين الطرفين هو الرغبة في 'تصدير الثورة الاسلامية'، التي اعتادت أن تتحالف مع خصومها ثم تصفيهم، كما فعلت في ظل الخميني، وما فعلته مع 'القاعدة' لاحقا.