الفنان حَيْ ماعندو معنى.. مَيَّتْ عندو معنى".. عبارة رددها كمال كاظيمي في دور (جمال) داخل مشهد مؤثر من مشاهد فيلم "ألوان في المنفى" لمخرجه "مصطفى مضمون" والسيناريو لمحمد اليوسفي. الفيلم قدمته القناة الثانية داخل برامج رمضان هاد العام، ويحكي قصة فنان تشكيلي (جمال) الذي شخصه "كمال كاظيمي"، الذي تدفعه صديقته وزوجة المستقبل (ماريا) وشخصتها الممثلة (أمال صقر)، لكي ينفذ خطة تعيد الاعتبار له ولوحاته التشكيلية، التي يبيعها بأبخس الأثمان لوسيط يبيعها بدروه لرسام إيطالي بأثمنة خيالية، ولم تكن الخطة حسب الخيال الفني للفيلم، سوى إشاعة خبر وفاة "جمال" غرقا في البحر بعد ليلة صيد للأسماك، وهي الخطة التي أرادت من خلالها (ماريا) أن توهم (وسيط بيع اللوحات) بأن الفنان "جمال" فارق الحياة، لكي تتمكن من بيع لوحاته بأثمنة مناسبة وتسافر رفقة (حبيبها الفنان) للخارج للاستمتاع بالحياة، وشق طريق التألق في الضفة الأخرى باعتبارها فضاءا أرحب لممارسة الفن التشكيلي وبيع اللوحات بالثمن الذي يستحقه المبدع.
تتشابك خيوط فيلم "ألوان في المنفي" بعد الخطة، وتدخل الشرطة على الخط للتحقق من غرق وموت (جمال)، كما تطفو على أحداث الفيلم العلاقة المتشنجة بين ماريا وأبوها (الفنان عمر السيد) الذي أهملها في طفولتها رفقة أمها، وعاد لتدارك الأمر بعد فوات الأوان..
يُشار أن فيلم (ألوان في المنفى) حسب العديد من المتتبعين والنقاد، قارب بشكل فني مُتميز قضية الرسامين المهمشين والبعيدين عن الأضواء والشهرة، الذين يُستغلون من طرف وسطاء ورسامين مشهورين، يضعون أياديهم على لوحات الفنان التشكيلي المغمور ويوقعون أعماله بأسماءهم، ضدا على حقوق الملكية الفكرية، بسبب احتياج الفنان المغمور للمال، وظروفه الاجتماعية القاهرة التي تمنعه من حماية ما تبدعه أنامله، وتضع أمامه العراقيل لرسم اسمه ونقشه بحبر من ذهب في "عالم" بيع اللوحات التشكيلية، إذ من المعلوم أن اسم الشهرة اللصيق بالفنان في الكثير من بلدان العالم يسبق قيمة اللوحة التشكيلية وجماليتها. وقد استلهمت قصة فيلم "ألوان في المنفى" من السيرة الذاتية للفنان الهولندي "فانكوغ" الذي عاش فقيرا، يُقايضُ لوحاته الإبداعية التشكيلية برؤوس البطاطس لإطفاء جوعه، وتدبير قوته اليومي، وبعد رحيله عن الدنيا أصبحت لوحاته تـُباع بأسعار خيالية.
ترقبوا حوارا مع المخرج "مصطفى مضمون" حول تفاصيل وأسرار إنجاز فيلمه "ألوان في المنفى" في العدد القادم من أسبوعية "الوطن الآن"