الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمعات في العالم كله، لا يخلو أي مجتمع أو شعب منهم.. ويقصد بهم كل شخص يحمل إعاقة، سواء منذ الولادة أو بعدها، لسبب من الأسباب. ومفهوم الإعاقة تطور باستمرار، الشيء الذي جعل تعريف الإعاقة يتغير على مر السنين. والإعاقة تتعلق بالتمييز والحواجز وعدم وجود دعم في البيئة مما يترتب عليه منع المشاركة على قدم المساواة، مما يفرض علينا أن نعمل على الوصول إلى مجتمع دامج أكثر خلال المسار المزدوج لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة وإشراكهم في المجتمع.. فقد قال تعالى في كتابه الكريم: "لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْتعقلون" (سورة النور، الآية 61).
وأستحضر هنا جزءا من مقال نال إعجابي ورد فيه ما يلي: "ورغم مصادقة مجلس النواب على "قانون الولوجيات" المتعلق بتسهيل ولوج فئة المعاقين إلى بعض البنايات والفضاءات الخارجية ووسائل النقل المختلفة، والعمل على التخفيف من حدة الإعاقة، وتمتيع المعاقين بكافة حقوقهم، والعمل على إدماجهم في محيطهم الاجتماعي، وخلق فرص أمام تحقيق ذواتهم ونشر إبداعاتهم، ورغم تعزيز الوزارة المكلفة بالمرأة وحماية الطفولة وإدماج المعاقين، بإنشاء "كتابة الدولة المكلفة بالمعاقين"، مند سنة 2000، وإنشاء "كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والتعاضد وبالعمل الاجتماعي"، ورغم صدور قانون 03-10 المتعلق بولوجيات النقل، فإن تفعيل كل ذلك على أرض الواقع، بات، مع الأسف، ضربا من الخيال، بعد مرور عشر سنوات على خروجه إلى حيز الوجود".
وتجدر الإشارة إلى أن إحصائيات سنة 2004، هناك حوالي مليون و500 ألف شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمغرب، 33 في المائة فقط من هذه الفئة تستفيد من حقها في التمدرس، وأغلبها لا يواصل مساره الدراسي، ولا وجود القسم الثاني من التعليم الابتدائي. وهنا نلاحظ بان وجود ترسانة قانونية تهم الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ووضع مشاريع تهتم بهم تبقى رهينة الرفوف بدون تفعيلـ يبين مقدار قيمة الإنسان لدى المسؤولين على شؤون المواطنين عامة، ويبين مدى الاهتمام الذي توليه الحكومة المغربية بهذه الفئة الخاصة من المواطنين المتميزين بما لديهم.. فيجب أن يعلم المسؤولون بأن هاته الفئة من المجتمع ليست في حاجة إلى نظرة الشفقة والعطف فهم يعتبرونها انتقاصا من إنقاص من قيمتهم وتمييزا ضدهم، فهم في حاجة إلى الاهتمام بمصائرهم، وتسهيل اندماجهم في محيطهم، الذي يفرض إصلاح البنيات التحتية بكل مرافق المدينة المغربية كتسهيل الولوج الذي يحتاج إلى جماعات محلية تمثل الساكنة تمثيلية حقيقية، وتعترف بحق حامل الإعاقة في الحياة، ودوره في المجتمع، وقطاع خاص يحمل هموم كافة الشرائح الاجتماعية ولا يهتم بالربحية فقط، ومجتمع مدني يعرف كيف يتجاوز سلبيات بعض المعتقدات الخاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ويشذب من ثقافة تعامله مع الإعاقات، التي لم تكن يوما لتمنع الإنسان من التفكر والتعلم وبذل الجهد والوقت وتحقيق الغايات.. فكم من حامل إعاقة له من الهمة ما يناطح بها السحاب، يعجز الكثير من الأسوياء وأهل الصحة والعافية، عن الوصول لها.. وقد ضرب الكثير منهم أروع الأمثلة في التعلم والبذل والعطاء. لكن، ومع الأسف، أن نسبة كبيرة، من طاقات هذا البلد المعطاء ومقدراته البشرية تتبدد هباء، جراء اللامبالاة المستمرة والدائمة.
هذا هو الواقع المر الذي تعيشه هذه الفئة المهمشة التي ينظر إليها المجتمع إلى من زاوية المدخول الخيري والصدقة لا قانون يحميها ولا ميزانية مرصودة لها.. وهذه الأخيرة توجد، ولكنها ضئيلة جدا بالنسبة لمجموع المعاقين في المغرب.