في المغرب، لا تحتاج إلى عدسة مكبرة لترى المفارقة، يكفي أن تقرأ لائحة الأسماء التي تدير بعض الجهات حتى تبتسم ساخرًا أو تتحسر. ترى من يدعى بالعدل يمارس ظلمًا سياسيًا، ومن اسمه نور الدين يُطفئ الأنوار في وجه الأمل، ومن يحمل لقب الأمين يخون الأمانة أمام أول صفقة. أما الحكيم فيرتجل، والرشيد يضل، والمصطفى يصطف في طوابير المصالح الشخصية...
هل هي سخرية القدر، أم اختيار مقصود؟ أم لعلها السياسة المحلية التي قررت أن تسخر من الشعب، حتى في أبسط الأمور، كأن تجعل الاسم عنوانًا مضادًا لحامله ومسيئًا لصاحبه؟
أغلبية النخب ترى وتقر أن هذه الأسماء ليست مجرد صدفة لغوية، بل غطاء نفسي وأيديولوجي يُستعمل لتزيين مشهد قبيح أو لتسويق وهم كاذب...
هنا يكمن العمق السوسيوسيكولوجي، بحيث تتحول الأسماء إلى أداة للطمس لا للتعريف... وسيلة للتغليف لا للوضوح... قناع يخفي لا يكشف...!!!
وكأن المنظومة برمتها تسعى لاختيار شخصيات تكون أسماؤها هي رسالتها الوحيدة، أما الأفعال فشيء آخر لا علاقة له بالمعنى ولا بالمغزى...
السؤال الذي حيرني هو: هل نحن أمام كاريكاتير سياسي دائم؟ أم أمام مسرح عبثي لا تنتهي فصوله؟ حيث يتحول التسيير إلى تسيير الأوهام، والحكامة إلى "لعب دور الحاكم والمحكوم" لا أكثر؟