Monday 16 June 2025
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: مسرحية "دراماتيكوهزلية" بكل دلالات الكلمة!!

محمد عزيز الوكيلي: مسرحية "دراماتيكوهزلية" بكل دلالات الكلمة!!
هذه المرة، ولله الحمد، لن أتحدث عن الجارة الشرقية إلا من حيث كونها متألمة لما وقع لمربّيتها، إيران خاميناي والملاّلي، التي أكلت أذرعها، من حماس إلى حزب اللات، بالتخابر والتواطؤ مع الموساد، وها هي الآن تجني ثمار غدرها وتواطؤها ضد كل ما هو عربي، على يد الموساد نفسها، التي استطاعت، كما فعلت مع هنية والسينوار ونصر اللاّت، أن تُدخِل صواريخَها بكل أريحية إلى مخادع قادة الحرس الثوري، حتى انها أعلنت عن تصفيتها جسديا للقائد الأعلى لذلك الحرس بقده وقديده... فكم هو ساخرٌ ولاذعٌ في سخريته هذا القدر!!
 
على مدار الأشهر التي تلت تواطؤ النظام الإيراني مع المخابرات الإسرائيلية على تصفية قيادات حماس والقسّام في غزة والقطاع، وداخل غرف النوم بأحد الفنادق الإيرانية تحديداً، وإسكات قيادات "حزب الشيطان" في جنوب ووسط لبنان، وحتى داخل الترابَيْن العراقي والسوري، فيما عُرِف بعملية "أجهزة البايجر"... كنت أقول، على مدار الأشهر التي تلت هذه الوقائع، انطلقت التصريحات من داخل إيران تتوعد إسرائيل بردٍّ مُرعِبٍ ومُهْوِلٍ سيأتي أوانه لا محالة، كما تناقلت ذلك وسائل البروباكاندا الإيرانية، حتى أن ذلك صاحبته هجومات إيرانية متقطعة على التراب الإسرائيلي بصواريخ وقذائف اتضح للمراقبين والمتتبعين أنها من قبيل الألعاب النارية المتداولة بين أطفال ويافعي هذا الزمان الملتبس، وأنها بالتالي لم تكن سوى وسيلة يائسة وبائسة لذر الرماد في عيون أصدقاء إيران وخصومها، على سبيل القول: "إننا هنا، وعلى العالم ان يعلم أننا هنا، وأننا قادرون على تلقين أعدائنا أشرس الدروس" ورسائل أخرى صفراء باهتة من هذا القَبيل!!
 
بعد تلك الحركات السينمائية البئيسة، عاد الهدوء إلى بحر العلاقات الإيرانية الإسرائيلية إلى درجة ظن معها المتتبعون والمحللون أن الرواية انتهت إلى بئر ليس له قرار، وأنها لن تُبعَث من قاعه السحيق من جديد، وربما كان هذا الاعتقاد صائباً وفي محله، لولا أن المخابرات في إسرائيل، وما أدرانا ما تلك المخابرات، كانت تراقب عن كثب الحمى الإيرانية التي كانت تَرجُلُ وتَغلي تحت رماد المظاهر، فيما كانت إدارة الملالي تحاور إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخلفيات تكاد تخفي تلك الحمى، والتي كانت تشهدها سراديب مراكز البحث النووي ومفاعلاته وأفرانه، حتى بدأنا نسمع عن موعد جد قريب، لا يتعدى الثلاثة أشهر أو تزيد قليلا، تكون إيران قد وضعت فيه يدها على كمية معتبرة من اليورانيوم المُخَصَّب، لتصبح بعد ذلك مباشرة على مرمى حجر، أو قاب قوسين أو أدنى، من إنتاج أُولى قنابلها النووية، الشيء الذي من شأنه أن يغيّر بشكل جذريٍّ "ميزان القوى" و"توازن الرعب" في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وبطبيعة الحال، موازاةً مع صمت عربي شبيه إلى حد التطابق بصمت الأموات، وما الذي في وسع العرب أن يفعلوه سوى صمت الأموات؟!!
 
إسرائيل أخذت، إذَنْ، علماً بتفاصيل الاستعداد الإيراني لإنتاج أول قنبلة نووية إيرانية، وهذا عين ما تحتاج إليه إيران لتضم مقعدها إلى مجلس كبار مجلس الأمن الدولي، الذي يُقاس حجم الدول فيه بقدرتها على صنع وسائل الدمار الشامل، ولا يعتقد عاقل بأن إسرائيل يمكن أن تتجاوز عن هذا الخطر المحدق، الذي يهدد وجودها برمته، ولذلك لم يكن نتانياهو يحتاج سوى إلى غمزة خفيفة وخاطفة من "باطرون" البيت الأبيض، البيضاوي (نسبة إلى البيضة وليس إلى الدار البيضاء!!)، ليفك عِقالَ آلته الجهنمية وليطلقها باتجاه عمق التراب الإيراني، ولكنه لم يفعل ذلك إلا بعد أن تلقى كالعادة من خونة النظام الإيراني المتخابرين مع الموساد معلومات فائقة الدقة عن مكان تواجد القيادات العسكرية الإيرانية الأكثر تأثيرا في القرارات الحربية بذلك البلد المتنطّع، وهكذا، وكما حدث في مواجهة قيادات حماس والقسّام وحزب الشيطان، نفذت طائرات إسرائيل ومُسَيَّراتها زيارات خاطفة لمَخادع هؤلاء وغرف نومهم وحماماتهم المنزلية... والبقية يعرفها الخاص والعام!!
 
كل هذا شاهدناه بأم الأعين وسمعناه وعاينّا آثاره في حينه، ولا مجال بالتالي لأي تشكيك في طبيعته ونتائجه... ولكن الذي يثير الانتباه، الآن، أكثر من كل ما سلف ذكره، هو تصريح الرئيس الأمريكي، العجيب قلباً وقالباً، بأن نظامه لا يد له فيما حدث، وبأنه لم يكن مع إسرائيل في هذه الخطوة، التي وصفها حرفياً "بالأحادية"، وزاد على ذلك وكذلك إعلامه البالغ أقصى حدود الاحترافية كلاماً في ذات الاتجاه، ليبقى السؤال مطروحاً: "هل قامت إسرائيل، بشكل أحادي، بوضع الحجر الأساسي لحرب لا يستطيع أحد أن يتكهّن بنهايتها مع إيران، التي حلمت وتحلم، وما زالت تحلم، ببعث أمراطوريتها الفارسية الآفلة من رماد التاريخ"؟.. وأغلب الظن أنها لن تتردد في الرد بكل قواها على هذه الإهانة خاصة وأنها تعي تمام الوعي بأن خصومها التاريخيين، والأبديين، وأقصد العرب كافة، يتفرجون عليها من أرقى شرفات المسرح العالمي، وينتظرون منها أن تكون في مستوى التحدي الإسرائيلي، ولو من باب التماس العذر للتواكل العربي، وللانهزامية العربية أمام المشروع الإيراني المعلَن منذ لحظة سقوط أمبراطورية فارس أمام جحافل "الغزاة" المسلمين!!
 
المسرح مفتوح على مصراعيه، والعالم قانع بدور المتفرج، وحتى جيراننا الشرقيين المهابيل مضطرون لتقمّص دور الفرجة لهوان حالهم، ولعجزهم المطبق عن تقديم أي دعم لمربّيتهم الخامينائية والملاّلية، التي ظلوا طوال السنين الماضية يختبئون تحت أجنحتها بلا أدنى حرج!!
 
تُرى ما الذي ستنتهي إليه هذه المسرحية؟.. وما الذي في استطاعة الجيران الشرقيين ان يفعلوه سوى إخفاء رؤوسهم في وحل الخنوع والانهزامية؟!!
من يستطيع الإجابة بكل تجرّد وبلا ببغائية؟!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.