الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

وحيد مبارك: لا وطن يجمعنا

وحيد مبارك: لا وطن يجمعنا

يريدون الدين باسمهم وبمنظورهم لا كيف أُنزل أو يراه غيرهم، يريدونه ورقة سياسية، انتخابية، لاعقيدة ربانية ورسالة إلهية إلى كل البشرية، فيحلّلون ويحرّمون، يفتون من المسلم ويختارون من يكفّرون. يريدون وطنا على المقاس، ضيقا لا رحبا، دون حرّية أو ديمقراطية، يغيب فيه العقل ويُكبت فيه الإحساس، يريدون أن يصادروا فيه كل القيم الكونية وحقوق الناس.

صنعوا لأنفسهم أبطالا من ورق وعددا من الأوثان، ويريدون من غيرهم أن يبجّلوها، أن يتمسحوا بأهدابها، أن يسجدوا في محرابها للحصول على صكوك الغفران. أحد هؤلاء ذهب قبل أيام في رحلة سياحية غلّفوها تحت مسمى أسطول الحرية، ولوّحوا مهللين بالكوفية، متناسين أن الأمر لايتعلق بغزة لوحدها بل بكل شبر من فلسطين الشامخة الأبية، التي ظل المغاربة دوما مساندين لها ولكل القضايا الإنسانية العادلة، وجعلوا منها أولوية، أما الرحلة فما هي إلا مطيّة، لمن فرّقوا الوعود المعسولة في الحملة الانتخابية، وعند تسييرهم للحكومة استهدفوا المغاربة بكل السياسات اللاشعبية، يتكلمون في قضايا طالبان وعن رُخص "البنان"، وفي هموم وقضايا المغاربة الحقيقية ينامون في البرلمان!

هم إخوان للغريب، يتخذونه وليّا وحبيب، وحتى "الأخوات"، المحجبات منهن والمنقبات، اللواتي ينتقدن "السافرات" و"المتبرّجات"، ويكِلن لهن باسم العفّة والشرف والحياء الاتهامات، فقد استقبلن بفرح منتشيات، كلام الصرصور البذيء والإساءة لأخواتهن المغربيات. فعن أي وطن نتحدث، ومن يستحقون حقا أن يوصفوا بكونهم مواطنين ومواطنات؟

حين ينشر الموقع الرسمي للحزب الحاكم، كلاما ساقطا ضد المغرب والمغاربة كله قبح وشتائم، حين يبارك رئيس الحكومة ومن معه من وزراء، القذف في أعراض مواطني بلد العلماء، الفقهاء، الشرفاء والفضلاء، حين يتحول الساسة إلى خبثاء، ويعلنون لغير وطنهم الولاء، يناصرون أقبح صرصور، بعدما كشف عمّا في قلبه من حقد وما في نفسه من شرور، لمجرد افتضاح أمره وأمر تابعيه وانكشاف المستور، فطفق يسبّ ويلعن وهم من خلفه يقولون آمين، صغارا طيّعين، عن ثنيه الاستمرار في قبحه والتراجع عن غيّه عاجزين، لخسّته مباركين، ولتصريحه فيما بينهم موزعين ومتقاسمين، ولمضمونه مؤيدين؟

حين تعاين كل هذا وذاك، تتأكد بأنه لاوطن يجمعنا، وبأن التقية وسيلة من ليس بأملس لتغليف الأشواك، التي تنتظر فقط لحظة الغدر للاشتباك!