داخل لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بحضور السيدة الوزيرة المنتدبة امباركة بوعيدة لدراسة مشروعي قانونين يتعلقان بالموافقة من حيث المبدأ على اتفاقيتين دوليتين: 1- م ق 125.12 يوافق بموجبه على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الموافق عليه بنيويورك في 6 أكتوبر 1999 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة. 2- م ق 126.12 يوافق بموجبه على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الموقع بنيويورك في 16 ديسمبر 1966.
أأكد إيماني الراسخ بحقوق الإنسان الأساسية، كما هي متعارف عليها كونيا، وكما تنطق بها مقتضيات الدستور المغربي، وبضرورة حماية الأفراد وكرامتهم وإعطاء كل واحد قدره، والسعي والعمل على تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق كما يقع ذلك في الواجبات. شرط أن يكون المغرب مصادق عليها مع العمل على ملائمة التشريعات الوطنية معها، أما في حال عدم المصادقة، إذا ما ثبت تعارضها مع أحكام الدستور، تبقى السيادة القانونية قائمة الذات، خاصة أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية وعلى آليات وطنية ومؤسسات موكول لها القيام بذلك.
لا أخفيكم أنه يساورني القلق، على تمييز واسع النطاق يمارس يوميا ضد المرأة في الفضاء العام، وعدم انصافها واستغلالها وهضم حقوقها بعدم التصريح بها في بعض المعامل، في الحقول، في البوادي، بل إنها تعاني أحيانا من المضايقات حتى داخل بيتها وتعرضها، كفئة هشة، للاسترقاق من طرف شبكات الاتجار في البشر والدعارة المقنعة، والعنف والتحرش في الفضاء العام والخاص.
الجدل الذي صاحب التنورة، وتهمة "الإخلال بالحياء العام"، لارتداء فتاتين بإنزكان لباسا اعتبره البعض "غير محتشم"، نخال أن يمهد لظهور ما يسمى جمعيات"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، أو نصبح هكذا ذات يوم مع صور فرض حصار في أحياء أو رجم النساء والمخالفين في الشارع العام، ونحن نرسخ لدولة الحق والقانون والمؤسسات، حذار ثم حذار من فقدان الوعي بالأمن المشترك. هناك من يريد تجاهل مقتضيات القانون وينصب نفسه حارسا للعقيدة، يفرض القصاص ويحصر الأخلاق في جسد المرأة ويقامر بالأمن والاستقرار، بقدر ما نحن سعداء بالتصويت الجماعي على هاتين الاتفاقيتين لسيداو، نسجل أسفنا على استمرار مشاكل في العدالة الجنائية للنساء، ومسودة قانون جنائي يريد أن يمهد لثقافة الثأر في وقت يجب أن يوافق فيه ورش إصلاح القانون الجنائي التزامات المغرب الدولية. ونحن نناقش سؤال المناصفة وبناء المغرب الديمقراطي لا زال يساورنا خوف التراجع عن المكتسبات. ما وقع في أنزكان، ما وقع لمثلي فاس، يهدد الحرية والاستقرار والأمن الذي يجب أن نسهر عليه جميعا بعيدا عن الصراعات الأيديولوجية. اتفاقيات حقوق الإنسان والمسار الديمقراطي اختيار لا رجعة فيه يجب أن نشتغل عليه جميعا والحفاظ عليه سويا كمكسب يتم حوله التوافق والإجماع، خاصة مع التطورات الأمنية الخطيرة التي تعرفها المنطقة إقليميا والتي يمكن أن تنفتح على المجهول. لا نود أن تصبح صورة المغرب في الخارج مرادفة للتطرف في الإعلام الدولي. و الحكومة ملزمة بالتدخل لفرض مقتضيات القانون وردع الساعين إلى الحلول محل دولة القانون والمؤسسات. فالفتنة نائمة، نعل الله من أيقظها.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد مبدأ عدم جواز التمييز، ويعلن أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق في التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في الإعلان المذكور، دون أي تمييز، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس. والمغرب من بين الدول الأطراف في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان عليه أن يسهر على واجب ضمان مساواة الرجل والمرأة في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، وعلى الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات الدولية المعقودة برعاية الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، التي تشجع مساواة الرجل والمرأة في الحقوق، للنهوض بثقافة المساواة في المدرسة في الإعلام وفي المجتمع.
ونحن بذلك نشير إلى أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام التنمية وأمام مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويعوق بذلك النمو الاقتصادي والرخاء المجتمعي والأسري، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة نظرا لإمكانات المرأة وكفاءاتها، خدمة بلدنا ومجتمعنا والبشرية جمعاء.
لا نخفيكم أنه يراودنا الشك في الرغبة في تحقيق المساواة، ونحن نرى فئة من النساء في وسطنا الاجتماعي تعاني التهميش، والحيف وحالات الفقر الذي يكاد أن يكون مؤنثا، التحرش في فضاءات الشغل وفي الفضاء العام الذي هو ملك للجميع، والعنف اللفظي، الاقتصادي والقانوني والسياسي الذي ينال من كرامة المرأة. نريد على مستوى الممارسة والواقع أن نلمس مجتمعا منصفا يوفر للمواطنات والمواطنين الأمن، السلامة، الغذاء والصحة والتعليم الشغل والحاجات الأخرى، لضمان العيش في كرامة على قدم المساواة. وأول الإجراءات هو الاجتهاد في إقامة نمط اقتصادي يحقق لها الاستقلالية المادية. نظام قائم على الإنصاف والعدل، يسهم إسهاما بارزا في النهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة،
ما يجري في بعض زوايا مغربنا هو موضوع أكبر وأعمق وأخطر من الاعتداء على فتاتين لبستا تنورة أو مثلي يلبس لباسا نسائيا. ما يقع من أحداث غريبة ودخيلة يهدد السلم الاجتماعي والمصير المشترك، يضعنا أمام تحديات كبيرة وصعبة يجب عدم غض البصر عليها لأنها ستصبح ممارسات وأحكاما للثأر تشرعن للسيبة، ستدخلنا في زمن الفوضى والعودة إلى الجاهلية الأولى، يمكن أن تكون الشرارة التي ستشعل نار الفتنة في مجتمع آمن. هناك من يريد التطاول على صلاحيات الأجهزة الأمنية والقضاء الذي من دوره العمل على احترام سواد القانون. بعض المواطنين نصبوا أنفسهم حراسا للعقيدة وأصبحوا يوزعون صكوك الأخلاق، وأصبح من هب وذب يحتكر الشارع العام، يجيش العواطف، ينوب عن المجتمع، ويوقع الجزاء على الآخرين كأننا في زمن اللادولة واللاقانون. دون احتساب عواقب ذلك على مراتب المغرب الحقوقي في تقارير المنظمات الدولية.
رغم إيماننا الراسخ بعقيدتنا الأمنية وقناعتنا بالعمل الجبار الذي تقوم به الأجهزة التي نحييها على منجزاتها، ما حدث يعتبر مؤشرا على بزوغ بعض مظاهر التسيب التي يجب القطع معها، وعلى صعود ثقافة المد الأصولي المتشدد المنغلق. وهذا يعني أننا لم نتجاوز في المغرب المراحل الثقافية الممهدة للدخول في العقد الاجتماعي للتعايش سويا في كنف السلم والأمن والاختلاف. وهذا ما سيعرقل السعي الحثيث حول مطالبنا بتطبيق الحقوق السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية في شموليتها و كونيتها، والانتقال الديمقراطي الذي يضمن للجميع حقوقهم وحرياتهم في أفق محاربة الحكومة، التي بيدها مقاليد السلطة التنفيذية الفعلية، لمظاهر الفساد، وتغليب روح منطوق القانون.
يذكر أن المغرب انضم إلى لائحة المصادقين على الاتفاقية عام 1993 مع النص على بعض التحفظات إلا أنه في الآونة الأخيرة رفع هذا التحفظات ليبلغ الأمر دروته بإرسال الحكومة المغربية لمذكرة إلى الأمم المتحدة تفيد أن المغرب قد رفع تحفظاته عن المادة 16 المتعلقة بمسؤوليات الزواج والطلاق والنفقة والحضانة... لتنشر الجريدة الرسمية في عددها: 5974 الصادر بتاريخ: 2 شوال 1432 / الموافق: 1/9/2011؛ خبر رفع تحفظ الحكومة على المادة 16. الاتفاقية تلزم الدول الموقعة عليها تحقيق سياسة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.