حينما يستشري الفساد ويتجبر ويتعظم ويلبس لبوس التقوى والورع والطهرانية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بالمؤسسات العمومية والخاصة، ويتفنن البعض في ابتكار كل السبل المتاحة لممارسته علنيا، ولا نجد من يحاربه بالقانون والمساءلة على مستوى مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية قياسا على القولة الشهيرة لرئيس الحكومة (عفا الله عما سلف)، فالحصيلة هي ما نسمع ونرى اليوم في عز امتحانات الباكالوريا التي أنفقت عليها الأسر المغربية الغالي والنفيس بل صامت وأضربت عن الطعام في سبيل توفير شروط التحصيل لأبنائها ، لقد شوهت صورة تعليمنا اليوم بشكل فظيع من خلال فضيحة تسريب بالجملة امتحانات الباكالوريا وصدم المرشحين والمرشحات بعد أن سمعنا أن هناك استعداد كبير لتحصين مواضيع الاختبارات وتوفير شروط المراقبة النزيهة والشفافة.
فكيف سيتعامل مع الفضيحة نفسانيا ومعنويا تلامذتنا النزهاء الذين كدوا وناضلوا من أجل شهادة تليق بتوجهاتهم التعليمية للولوج للتعليم الجامعي أو مدارس عليا ذات شأن وقيمة تعليمية ؟ وكيف هي الحالة النفسية للأسر والعائلات التي استفاقت على هذا الفساد القادم من أعلى لتحت ( نظافة الدرج تبدأ من الأعلى) حسب المثل الفرنسي؟ ما هو موقف المسؤولين بالحكومة تجاه الفضيحة وما هي التبريرات التي سيقدمونها لتلك الفتاة الدكالية المغرس و المصابة بمرض السرطان وأصرت أن تقاومه باجتياز امتحانات الباكالوريا من داخل المستشفى بالدار البيضاء؟ وما هو الجواب الشافي الذي سيقدمه وزير التعليم لذلك الرجل الستيني وأقرانه الذين تقدموا كمرشحين لامتحان الباكالوريا بمدينة خريبكة وغيرهم من الطموحين والطموحات؟ وكيف سيبرر الوزير هذه الفضيحة أمام المرشحين للباكالوريا داخل السجون المغربية؟ هي مجموعة من الأمثلة الطموحة والدروس البليغة التي تصطدم مع واقع حال الوطن الذي يعاني من مرض الغش بسب الفساد والمفسدين في كل شيء من الانتخابات مرورا بالصفقات والتعيينات والشغل والصحة إلى التعليم الذي دقت فيه هذه الفضيحة آخر مسمار في نعش حكومة عفا الله عما سلف ( واش فهمتي و لى لا لا).