أعلنت النيابة العمومية بمحكمة سيدي أمحمد الابتدائية وسط العاصمة الجزائرية، عن مباشرتها تحقيقا قضائيا في فضيحة تسريب أسئلة امتحانات البكالوريا على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الساعات الأولى لانطلاق الاختبارات المصيرية المؤهلة لدخول مدرجات التعليم العالي والبحث العلمي. وذكر بيان النيابة العامة، أن المصالح القضائية قررت التحقيق في “فضيحة تسريب أسئلة مزورة لمادة الرياضيات في امتحان البكالوريا وتدوالها على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي”.
وتم استغلال تقنية الجيل الثالث للهواتف الذكية في الترويج لأسئلة مزورة أربكت المترشحين لاجتياز هذا الاختبار المصيري في تاريخ أزيد من 800 ألف طالب ثانوي في 48 مقاطعة إدارية بالجزائر. وفي غضون ذلك، أعلنت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت عن فتح تحقيق وزاري في قضية تسريب أسئلة امتحانات مزورة.
ودعت الوزيرة في تصريح لصحافيين بأحد مراكز الامتحانات وسط العاصمة، المترشحين لهذا الموعد إلى عدم الانسياق وراء “خربشات عديمي الضمير الذين يتلاعبون بمصير أبنائنا”، محذرة من التشويش على تفكير الممتحنين المقبلين على أهم موعد في حياتهم التعليمية.
الوزيرة تتبرأ
ولم تتردد الوزيرة في اتهام الأولياء بتشجيع أبنائهم على ممارسات الغش في امتحاناتهم من خلال “تمكينهم من اقتناء هواتف ذكية”، وهو الاتهام الذي رفضته الاتحادية الجزائرية لأولياء التلاميذ التي دعت الوزارة الوصية إلى تحمل مسؤولياتها في “حفظ مصداقية شهادة البكالوريا”. وتواجه الوزيرة نورية بن غبريت وهي محسوبة على التيار الفرونكفوني المتغلغل في دواليب السلطة، حملة انتقادات شديدة على خلفية فضيحة أخرى هزت مشاعر ممتحني الشعب العلمية والتقنية بعد عرض قصيدة شعرية منسوبة للشاعر الفلسطيني محمود درويش وهي في الأصل للشاعر السوري نزار قباني، ما خلف موجة تنديد واسعة النطاق تمددت لمطالبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بإقالة وزيرته.
شبح الاستقالة الشهيرة
واستذكر الجزائريون قضية الاستقالة الشهيرة لوزير التربية والتعليم علي بن محمد مطلع التسعينيات من القرن الماضي، إثر تسريب أسئلة امتحانات البكالوريا وفهم المعني وقتها أنه يتعرض لمؤامرة من الناقمين على التوجه الذي رسمه حينئذ بشأن توسيع تعليم اللغة الإنجليزية وإعطاء الأهمية للغة العربية في مناهج التعليم. وفي خطوة جريئة لم يسبقه إليها أي مسؤول جزائري، قرر علي بن محمد الاستقالة من منصبه متهما دوائر نافذة بمحاولة إسقاطه. ولا يستبعد أن تتحرك أوساط غاضبة على وزيرة التربية والتعليم الحالية، نحو دفع نورية بن غبريت رمعون إلى الرحيل، لكن آخرين لا يعتقدون بذلك لكون فعل الاستقالة غائب أصلا في ثقافة المسؤولين الجزائريين. وبعيدا عن شخص وزيرة التربية والتعليم في حكومة بوتفليقة، فإن زلزال الفضائح الذي يضرب منذ يومين امتحانات الثانوية العامة من شأنه أن يسيء إلى سمعة بكالوريا الجزائر.