بعد البطل الأولمبي الراحل عبد السلام الراضي، الذي أقدم على بيع ميداليته قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى سنة 2000 وفي قلبه حسرة الإهمال واللامبالاة اللذان قوبلت بهما وطنيته التي رفضت إغراءات حمل جميع جنسيات البلدان التي طلبت ود تمثيله لها وخصوصا فرنسا وبلجيكا. ها هو بطل آخر يلقى نفس المصير.
إنه الشاب عز الدين النويري، المختص في رمي الجلة، والحائز على الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية الموازية، أو ما يسمى ب"البارلمبية" سنة 2012 في العاصمة البريطانية لندن. بحيث اضطر هو الآخر إلى عرض ميداليته للبيع، لما يعانيه من تهميش وانعدام الاعتراف بما حققه للبلد، وهو الذي لم يقتصر على التتويج بالمعدن النفيس، وإنما حقق رقما قياسيا عالميا برمية بلغت 13 مترا و10 سنتمترات، متقدما على الإيراني محسن كايدي والفرنسي تيري سيبون اللذان لم يصلا إلى 13 متر. وبذلك، يكون عز الدين النويري قد بعث أكثر من رسالة لكل من يهمهم الأمر، ويتحملون مسؤولية هذا الواقع المؤلم لرجال لم يدخروا جهدا لأجل إعلاء راية الوطن، فكان مآلهم وجزاؤهم الانتهاء على حافة الهامش.
وللإشارة فإن الفقيد عبد السلام الراضي، المتوج بالميدالية الفضية والأولى في تاريخ المغرب خلال سباق الماراثون بروما سنة 1960، كان قد اشتغل حارسا للسيارات ونادلا بولاية فاس يوزع كؤوس الشاي والقهوة على أناس يجهلون قيمته الرياضية، وما أسداه من عطاء داخل حلبات تسيد فيها، وكاد أن يؤدي التهافت للفوز بتوقيعه إلى اصطدامات عنف بين المحبين. فهل ستكون نهاية عمر البطل عز الدين النويري كذلك وهو "كارديان" للسيارات أو "شاوش" بإحدى المؤسسات..؟. ذلك ما لا يتمناه كل مواطن صالح، إنما قد يكون لبعض المسؤولين رأي آخر.