الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

رشيد صفـَر: فهمتيني ولـَّى لا!!؟؟

رشيد صفـَر: فهمتيني ولـَّى لا!!؟؟

كثيرا ما سمعَ ويسمعُ المغاربة رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، وهو يطرح ويعاود طرح سؤال "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟"، في آخر الجمل والعبارات المكونة لخطاباته وتدخلاته في البرلمان وخارجه، دون أن ينتظر الجواب عن هذا السؤال، الذي يتجسد من خلاله مدى فهم المغاربة لرئيس حكومتهم من عدمه.

لنتعمَّق في صيغة السؤال، "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟"، فحتى ترجمته للعربية الفصحى غير مهضومة :

(هل فهمتني أم لا؟)

وبالأمازيغية "تـَسَّنْتْ نْغَدْ أوهُويْ".

وبالفرنسية  est-ce que tu ma compris ou non?

والجواب إما "نعم" أو "لا".. هذه الأخيرة شبهها المغاربة بآلة "اللقاط". لكن طريقة رئيس الحكومة في طرح سؤاله ممكن أن لا تلتقط معها شيئا، وممكن أيضا أن تصيب البعض بالارتباك، فلا تسمع لهم جوابا. إذ ذاك يُمكن أن يقول بنكيران منتشيا: الصمت علامة الرضى.. المقرونة مع سبق الإصرار والترصد بعبارة القبول "نعم".. لكن المشكل هو: هل هذا الرضى يتطابق مع الجواب عن سؤال (فهمتيني؟) أم عن سؤال (ولـَّى لا؟)... ويظهر من خلال الجمل السابقة لسؤال "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟"، التي تأتي على لسان رئيس الحكومة، أنه/ السؤال، يقبل عدة وجوه وأنساق، تتقارب وتتباعد بتشابك الملفات والقضايا، التي تـُطرح أمام رئيس الحكومة المغربية دون أن تجد طريقها للتسوية.

"فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟"، قد تكون صيغة بليغة أو غير ذلك، ولنعتبر أنها تروم إطلاق الجزء وإرادة الكل، فتصبح: فهمتوني ولـَّى لا؟؟، وهنا قد تصل صيغة السؤال على لسان طارحه، إلى مسامع كل من النواب والبرلمانيين والباطرونا ورجال المال والأعمال وعشاق اقتصاد الريع والصحافيين والأساتذة والدكاترة والأطباء والمدراء والوزراء والقضاة والمعطلين و.. و.. و… ليحط الرحال بمسامع عامة المواطنين على حد السواء، فكيف سيجيبون بنعم أم لا!!!!؟؟؟

إن حصر نسبة الجواب بـ "نعم" وبـ "لا" أمر عسير جدا وغير قابل للضبط في هذه الحالة، لأنه يتطلب صناديق اقتراع جديدة وفريدة، لفرز أصوات "نعم" أو "لا"، قصد تحديد عدد الفاهمين وغير الفاهمين لعبارات وجمل "بنكيران" التي تسبق "فهمتيني ولـَّى لا!!؟؟"، مع العلم أن عدد أصحاب عبارة اللقاط "لا"، يمكن أن تكون بينهم شريحتان، شريحة (لم نـَفـْهَمْكَ)، وشريحة (لا نـُريد أن نـَفـْهَمَكَ)، وشريحة "ماذا قلت لكي نفهَمَكَ؟"، حسب طبيعة المجيب على السؤال بطبيعة الحال "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟".

لعل عبارة "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟" بمثابة سؤال استنكاري، يحمل في طيَّاته الجواب، ويمكن أن تكون “فْهَمْتيني”، تعني : نعم، وتكون، "ولـَّى لا"، تعني .. عذرا أيها المتجول بين هذه السطور، حقيقة لم أعد أدري ما تقصده هذه العبارة اختلط علي الأمر.... لنقل: لا.

يبدو أن رئيس الحكومة لا ينتظر الجواب عن سؤال "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟"، لأنه متأكد أن الكل يَفهَمُهُ أو لا أحد يَفهَمُهُ، أو البعض يفهمه، والبعض الآخر إما أنه لا يَفهَمُ رسائل رئيس الحكومة بحسن نية أو لا يُريد فهمها بسوء نية حسب تقديره، وهذا قدر ابتلينا به، وقد يسع سؤال "فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟" كل التأويلات والأجوبة المُمكنة، لأن رئيس الحكومة يَفـْهَمُ وحده أنهم فـَهـِموه، أو لم ولن يَفـْهـَموه.

"فهمتيني ولـَّى لا !!؟؟". الجواب: نعم.. نعم.. لكن: لا.