السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

آية الله عبد الإله بنكيران!

آية الله عبد الإله بنكيران!

إما أن عبد الإلاه بنكيران جاهل وأمي من الناحية القانونية والدستورية، وإما أنه مدرك لأبعاد تصريحاته ويمارس التقية استعدادا لقيادة انقلاب على أمير المؤمنين.

ففي كلمة له خلال لقاء نظمته «جمعية مستشاري العدالة والتنمية» يوم 24 ماي 2015 قال عبد الإلاه بنكيران: "أنا رئيس الحكومة بقدر الله وبإرادته وإرادة الشعب المغربي وتعيين جلالة الملك".

وهذا تصريح خطير جدا، لأنه لم يصدر عن نزيل بضريح «بويا عمر» أو عن "قوادة" في فيلم نبيل عيوش «الزين للي فيك»، بل صدر عن رئيس الحكومة الذي لم يحصل إلا على تفويض شعبي (حاز على 7 في المائة من أصوات الناخبين) لتدبير شؤون المغاربة في الاقتصاد والثقافة والتنمية والتعليم والقضاء والصحة والتشغيل والرياضة... إلخ، ولم يحصل إطلاقا على تفويض للحديث في الدين والتحدث باسم الله عز وجل.

فالدستور، وهو الوثيقة التي نحتكم إليها، أطر العلاقة بين السلط بما يحفز كل فاعل على بناء دولة المؤسسات وبناء منطق الدولة. وهذا المنطق هو سياسي بامتياز، بالنظر إلى أن السياسة تكون في فضاء مدني وبلغة مدنية وبآليات مدنية، أي فضاء تخلو فيه لغة التعالي ولغة القضاء والقدر والجبر والاختيار والعناية الربانية «التي اختارتني» لأكون رئيسا للحكومة!.

فلا هو (أي بنكيران) متصوف وقطب رباني نلتمس له العذر في الادعاء أن الله "اختاره" ولا هو أمير للمؤمنين خوله الدستور أمانة الحرص على بيضة الدين. وبدل أن يستقوي عبد الإلاه بنكيران على خصومه السياسيين بالبرامج والتصورات والحلول العملية لمشاكل المواطنين نراه يستقوي عليهم بالملك.

ولما ظهر له أن هذا الرهان خاسر ولم يفلح في ادعاءاته بدأ يستقوي عليهم بالله سبحانه وتعالى، ومن يدري، فغدا أو بعد غد لما يفشل هذا الرهان الثاني هو الآخر سيتطاول حتى على الله الوحيد الأوحد، ويدعي (بنكيران) أنه هو "ربكم الأعلى"!!

وهذه السلوكات الانزلاقية هي المقدمة ليقول بنكيران إنه: "الفرعون".

نعم، تصريح بنكيران خطير جدا لأنه يحاول أن يرسخ في الأذهان أنه أصبح رئيسا للحكومة ليس بفضل الصناديق الانتخابية وبالآليات المدنية، بل الإرادة الإلاهية هي التي نصبته رئيسا للحكومة، وتأسيسا على هذا الغرور فقد يطالب غدا بالعرش وينقلب على محمد السادس بإبراز مزاعم أن المشيئة الربانية اصطفته لاغتصاب الحكم من العلويين!!

فحتى الرسول الكريم لم يجرؤ على إعطاء مثل هذه التصريحات لوجود جبريل عليه السلام كوسيط بينه وبين الله عز وجل، بينما الوقاحة بلغت حدا عند بنكيران ليتقيأ علينا بخطاب يستبطن نزوعا انقلابيا وفرعونيا. إن الوزير الوردي مخطئ لأنه «فرع لينا الراس» بخطورة «بويا عمر» بينما "بويا بنكيران" يوجد في قلب الحكومة وفي قلب المؤسسات، ولم يتمكن الوردي من دك «بويا بنكيران» لنقل المغرب من العصر الخرافي إلى العصر العقلاني.