يوم أمس الخميس 7 ماي 2015، سيدخل بلا شك التاريخ الفخري لمركز سيدي مومن للتنمية البشرية بمدينة الدار البيضاء، بعد أن تشرف بقدوم رجل يبقى مجرد ذكر اسمه يحدث رجة في التوازن الطبيعي للنفوس، ليس خوفا أو حرجا، وإنما احتراما وتقديرا لما بصمه خلال 50 سنة من النضال الإعلامي. إنه وباختصار قيدوم وعميد وأيقونة الإعلام المغربي محمد بن ددوش، الذي حضر بدعوة لأجل تكريمه، ومن ثمة منح الفرصة المواتية لكل من حضر حتى يهمس في أذنه بكلمة "راك ديما فالبال أس بنددوش"، ورغم بعض الحيف الذي مورس على مستوى حقه في الاعتراف بما أسداه من جهد وتضحيات لغاية خدمة مجال تخصصه، فإن محطات ماضيه المليئة بالمواقف المشرفة، تظل خير مُقر بمكانته، وأصدق صورة لروعة بصمته، لأنه فعلا بصمة والبصمة لا تتكرر.
طلع بنددوش في أمسية الأمس على الوافدين لقاعة الاحتفال، بوجه مشرق مستندا على عكاز لم يزده إلا كاريزمية وهبة. بدا وكله حيوية وتعطش للقاء أحبته، حاول قدر الإمكان استثمارهما في التغلب على مشاق السفر ومتاعب المرض، وكان له ما أراد. إذ تمكن كعادته من استمالة الأسماع بكلمة أوجز فيها أبرز المراحل التي قضاها في مهنة المتاعب، والتي ضمنها في كتابه "رحلة حياتي مع الميكروفون"، بحيث لم تكن كلمته تلك مجرد إخبار لعشاق المعلومة الهادفة، ولكن كانت أيضا درسا في الفصاحة وبراعة الخطاب، حتى أن أحد الوجوه البارزة في الإعلام الوطني تراجع عن الحديث باللغة العربية الفصحى وهو أمام هرم يدعى بنددوش، مخافة أن يوقظ خطأ، محتمل، القلم الأحمر في الرقيب اللغوي الداخلي للعميد، لذلك اختار المسلك السهل وأطلق العنان للسانه الدارجي.
المناسبة وإن عرفت حضور العديد ممن سمعوا فقط بالرجل ولم يروه مباشرة، إما بحكم سنهم الشاب أو بفعل مانع الظروف، شهد كذلك حضور وجوه عايشت المحتفى به خلال مسيرته، واغتنت من كفاءته خلال الاشتغال إلى جانبه، ومنها الإعلامي الماجدولي والسيدة ليلى ورشيد الصباحي والحسين العمراني واسمهان عمور وصباح بنداود، الذين اشتركوا في وصف بنددوش بالمعلمة التي لا يزيد الاقتراب منها سوى إثراء التجربة، وحب متعة المهنة.
هذا، ولم تخلف أسماء أخرى الموعد، وأبت إلا أن توجد في الزمن والمكان المحددين، ومن ضمنها فنانين أمثال عمر السيد، نيابة عن مؤسسي وعشاق الظاهرة الغيوانية، وجمال الدين بنحدو، أحد رواد فن الملحون. كما لم تقو التزامات تدبير الشأن المحلي على منع شخصيات ثانية من مشاركة بنددوش الحفل، كعامل عمالات سيدي البرنوصي محمد علي حبوها، وأحمد بريجة، رئيس مقاطعة سيدي مومن الذي التحق بمقر الاحتفاء مباشرة من الطريق السيار الذي قاده على التو من قبة البرلمان بالرباط إلى فضاء تكريم بنددوش.