لم يعلن وزير التعليم العالي وتكوين الأطر، بعد موت المعارضة، لكنه، في المقابل لم يفوت الفرصة، بأن يفوت أمر الدعاء بذلك إلى خطيب من الجماعة الأم «التوحيد والإصلاح» في بني ملال.. فختم اللقاء بالدعاء على المعارضة، كما يليق في خطبة تسلط غضب الله على أعداء الإسلام.
وقد نقلت مصادر حضرت اللقاء الدعوي، التي رفعها الداعية الطبقي على الطريقة الطاوية وفيها الويل والتبور من أعضاء حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الديني لحزب بنكيران، الذين رفعوا أكفهم إلى السماء مرددين وسائلين الله سبحانه وتعالى: "أن يرد الله كيد المعارضة على حزب العدالة والتنمية في هذه الأيام كما رده في انتخابات 2011. اللهم اجعل مكرهم في تدبيرهم وتدميرهم في تدبيرهم..".
الوزير العلمي جدا والتربوي جدا والحداثي إلى حد الملط جدا، ابتسم للدعاء الرهيب الذي ألقي على مسامعه، وكأنه في حضرة الإخوان في فاتح… محرم الكريم!
ليس مؤكدا من أن الذين ألقوا الدعاء ضد المعارضة يؤمنون حقا بحقها في الوجود، وليس مؤكدا بتاتا بأنهم يعتبرون المعارضين من دار الإسلام، وإلا ما كان لهم أن يدرجونا في خانة الذين سينزل بنا جل جلاله العذاب، لأننا عارضنا رئيس الحكومة الربانية عبد الإله بنكيران.
ما يهم أمران اثنان: أولا أن يعتبر هؤلاء، على دين رئيسهم بأن الله سبحانه عز وجل كان له دخل في انتخابات 2011.
وبالتالي فإن النتيجة، منطقيا، يجب أن تكون في «حكم ما أنزل الله»، ومن «لم يحكم بما أنزل الله فهؤلاء هم الكافرون» والفاسقون والفاسدون..
والأمر الثاني هو أن الوزير، كان عليه أن ينتبه أكثر للتقرير الذي نشرته الصحافة، وفيه من الصفعات التي وجهها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، الذي يشترك مع الوزير في الاسم، الدستوري، إليه، مما لم ترتق إليه كل أمال المعارضة ..
ولهذا يبدو أنه أخطأ كثيرا في تسديد الدعوات، ونحن طبعا نريد الخير كله للسيد عزيمان وللسادة أعضاء المجلس !!
من بني ملال التي نال فيها الداودي في «غزوة نونبر» ثلاثة مقاعد برلمانية لم يحلم بها حتى في عز المنى، أغفل الوزير أن يستعيد رأي المجلس، ونحن هنا، نعتبر أنه من المكر في السياسة أن نذكره بها، لعل مكرنا يعود عليه بالخير على عكس الدعاء الذي ختم به احتفالات ماي.
يقول التقرير إن المشروع لا يزال في مرحلة التحضير الأولية، وأن المشاكل المنهجية والقانونية التي يطرحها تدفع نحو إعادة التفكير في الاختيار بين سلوك طريق التعديل وطريق نسخ النص برمته، ويرفع عنه صفة "التماسك والوضوح".
وأوضح المجلس أن هناك غيابا في الحرفية والمهنية في إعداده، ولم يذكر، في المقابل ما إذا كان الدعاة في الحكومة يستطيعون أن يعينوه في الوصول إلى هذا الهدف...
رأي المجلس ركز على "حالة اللبس والتداخل بين المهام والأهداف في المادة الأولى للمشروع، إذ أن أمورًا كان يُستحسن تصنيفها ضمن أهداف التعليم العالي ترد فيه باعتبارها مهامًّا".
وهو، مما لا شك فيه نفس اللبس الذي طغى عليه في بني ملال عندما لم يعرف الفرق بين احتفالات العمال وجلسات الدعاة!
وفي نفس السياق، "كشف رأي المجلس أن مشروع القانون لا يميز بدقة بين أهداف البحث العلمي ومهامه، كما أن الإلحاح على إلزامية إحداث قطب تكنولوجي بكل جامعة لا ينسجم مع ضرورة تنوع الجامعات، ولا يراعي ما تفترضه الجهوية الموسعة من مقتضيات".
كما لم يميز الوزير بين تظاهرات فاتح ماي وجلسة للذكر في زاوية مغلقة من الحركة.
وأكد المجلس، ختاما، على ستة مبادئ أساسية: ممارسة الحرية الفكرية والأكاديمية داخل الجامعة؛ توفرها على قيادات تمتلك حس المبادرة اعتمادا على مشاريع مؤسسية مُبتكَرة؛ إعادة تنظيم التعليم العالي على أساس الخدمة العمومية؛ الإنصاف وتكافؤ الفرص؛ مفهوم جامع وتعريف وإطار مؤسسي للتعليم العالي وللبحث العلمي والابتكار؛ تقدير كرامة ومكانة الفاعلين التربويين والإداريين.
ويلاحظ أنه لا وجود فيها للدعاء على المعارضة... باعتباره أحد الأهداف التي ينص عليها دوره كوزير على أهم قطاع ..
وكان عليه أن يجتهد قليلا، في الخطاب والممارسة لعله يجد إلى طريق المواطنين سبيلا،عوض الاتكال والاستكانة إلى دعاء سابق في الزمن وفي.. الأعداء.
وآخر دعوانا اللهم إنا نعوذ بك من الكسل وسوء الكبر ..
واهد اللهم الداودي إلى أن يتبين جيدا ما يستطيع أن يقوم به، ويترك التربية والتكوين لأهلهما الذين لا يتبركون بمن يريد الفناء للمعارضين.
واللهم ارزقنا خصما عاقلا يا رب!