الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عندليب الحسبان: هي تخلع الحجاب، فيتعرون هم...

عندليب الحسبان: هي تخلع الحجاب، فيتعرون هم...

ماذا لو خرجتُ "بالكلسون"؟... هكذا علّق صديقي على دعوات خلع الحجاب.. التعليق هذا بالذات أشفى صدري.. فهو واضح فاضح صادق وغير موارب.. مبدع في مباشرته وإصابته الهدف. لقد وضع صديقي هذا "الكلسون" في مقابل الحجاب، لتصبح من تتخلى عن حجابها، كمن تخلت عن كلسونها، ومن تعري شعرها كمن تعري "......"، وهذا بالضبط هو مكنون العقل العربي، وآفته غير القابلة للشفاء.. مكنون جنسي مكبوت مفضوح، وضمير غير متصالح مع جسده، يخاف عتمة الأماكن الأولى، ويعاني اضطرابا عميقا في رؤية جسده نابعة من مركزية.

العضو الجنسي في فكره، اضطراب يجعله يرى الرأس عضوا جنسيا.

هذا التعليق ليس من شيخ وهابي، ولا من أحد عشاق وحفظة ابن تيمية.. فهؤلاء حفظنا نظريتهم حول المرأة ورؤيتهم لدورها وشكلها ومكانتها، وعرفنا سندهم النظري والإيديولوجي، وصاروا واضحين جدا في أدواتهم وفي تبريراتهم.. ولكن المشكلة في أولئك الذين يهاجمون الوهابيين وحفظة السلف، ويناصرون حركات التحرر الوطني وحقوق السعدان في السودان، وعند حقوق المرأة يزبدون ويرعدون بالاستشراق والتبعية للامبريالية ومنظمات ال NGOs.. هؤلاء يفاخرون بشهاداتهم من الغرب الامبريالي، ويلهثون وراء تمويلات هذا الغرب لأغراض البحث العلمي والتنمية والفقر وغيرها.. ولكن عند سيداو، أو تمويل مشروعات وأفكار خاصة بوضع المرأة، كجرائم الشرف والعنف ضد المرأة وحقوق المرأة المنقوصة في الميراث، يهبون كعصبة ينظرون للمؤامرة، فلا تفرقهم عن إخوتهم من لبسة الدشاديش والعمائم، فعند المرأة وحقوقها يصيرون كلهم إخوانا في الثقافة.

هؤلاء على فكرة ليسوا مع الحجاب.. ليلا نهارا ينتقدون آل سعود والوهابية لنشرها هذا الحجاب في العالم العربي، ولكنهم أيضا ليسوا مع الجمعيات أو الأصوات أو الأقلام التي تحرض المرأة على ممارسة حريتها في خلع الحجاب.. فهذه بحسبهم دعوات إما مشبوهة أو تافهة تلهي الأمة عن مشروعها النهضوي. هؤلاء تقدميون يريدون للمرأة أن تنهض هي بذاتها وتخلع بيديها حجابها وتقتلع بأظافرها حقوقها، ولكنهم يلومونها على النهوض، مبررين هذا بمرحلة التطور الاجتماعي التي تمر بها مجتمعاتنا المتحولة.. فيأكلون ميراثها كله أو بعضه بحجة أبوية الأسرة ودور العانية، وان حاولت كسر الدور وأكل حقها كسروا أضراسها... ويتحفظون على لباسها تبعا لضرورات مصالحهم ومعاركهم، خاصة معارك الإرث الشرعي.. وإن رفضتْ تحفظاتهم أحيلت إلى مجلس العائلة أو لغيره من مجالس التأديب، هذا إذا نفذت من جريمة شرف.. وهؤلاء يتزوجون بغير محجبة، ولكنهم يريدونها سافرة معتدلة، تراعي الوسط الاجتماعي دارعة قماشا لا يخدش فحولته...!!

الحجاب لا يغطي عورة المرأة.. الحجاب يغطي عهر هؤلاء ومصالحهم...