الاثنين 25 نوفمبر 2024
خارج الحدود

باحثون يرسمون بروفايل الجهاديين بأوروبا: طلبوا الجنة فحصلوا على الجحيم

باحثون يرسمون بروفايل الجهاديين بأوروبا: طلبوا الجنة فحصلوا على الجحيم

قال خبراء إن مواصفات الشبان الأوروبيين الراغبين في الانضمام إلى الجهاديين في سوريا أو في بلادهم نفسها أصبحت تشمل كل الفئات  العمرية، حيث أنها تجاوزت الأفكار النمطية حول الأحياء الفقيرة.

وأوضحت عالمة الأنتروبولوجيا دنيا بوزار، من مركز الوقاية من الانحرافات المرتبطة بالإسلام، لوكالة "فرانس برس"، أن الخطاب المتطرف استهدف على مدى سنوات "شبانا يمكن استغلالهم وليس لديهم مرجعية". وأضافت بوزار مؤلفة كتاب "طلبوا الجنة فوجدوا الجحيم" (إصدارات لاتولييه)، إن"الأسر المفككة، حيث الأب فقد مكانته أو مدمن كحول أو في السجن أو يمارس العنف الأسري أو يتعاطى المخدرات، كانت تشكل الإطار التقليدي للشباب الذين من السهل  الإيقاع بهم".

14

وتابعت الباحثة قائلة "لكننا نلاحظ في الأشهر الأخيرة أن المتطرفين عدلوا خطابهم وباتوا يعدون بأوهام جديدة، حيث يتوجهون إلى الشبان الذين لديهم مستقبل اجتماعي ويمكن أن يكونوا مثلا في ثاني سنة من العلوم السياسية أو الطب... شبان يتحدرون من أسر مستقرة من  الطبقة المتوسطة... أبناء أساتذة أو موظفين أو أطباء أو محامين".

وذكرت بوزار أن بعض التائبين من طلاب الدراسات العليا "كتبوا لنا ليخبرونا كيف كانوا على وشك السقوط (...) والأمر لا علاقة له بالهجرة. لقد اصطادوا ابنة طبيب كبير في  باريس. لو لم يكن الأمر مجرد ظاهرة اجتماعية لكان في غاية السهولة".

وإذا كانت مواصفات منفذي الاعتداءات الأخيرة في باريس ضد صحيفة "شارلي ايبدو" والمتجر اليهودي متوقعة أكثر، كونهم دخلوا السجن وكانوا يعانون من صعوبات اجتماعية  واقتصادية.. إلا أن قائمة طالبي الجهاد الذين التحقوا بصفوف تنظيم "الدولة  الاسلامية" تشمل شبانا مندمجين جيدا في المجتمع لديهم وظائف أو يتابعون دراسات.

وبعض هؤلاء نشأ في مدن أو أحياء صعبة، لكن غيرهم مثل دافيد دروجون الذي بات خبير متفجرات لدى القاعدة، عاشوا طفولة دون أحداث، وفي مدن هادئة، أمضوها بين  الدراسة وكرة القدم.

وانتقل محمد بلحسين (27 عاما) الذي حكم عليه في يوليوز بالسجن سنتين بتهمة  إدارة مواقع جهادية وغادر بعدها إلى سوريا، إلى العقيدة المتطرفة في غرفته في (البي جنوب) حيث نجح في امتحانات "إيكول دي مين" إحدى أبرز الكليات الفرنسية  لدراسة الهندسة.

وفي شيلتيغهايم قرب ستراسبورغ (شرق) تفاجأ أصدقاء يوسوب ناسلخانوف، وهو شيشاني شاب انتقل إلى صفوف الجهاديين في سوريا بعد أن كان مساعدا للرسوم البيانية في  البلدية، عندما سمعوه على تسجيل فيديو على الأنترنت وهو يقول "لإخوانه المسلمين": "قوموا بكل ما تقدرون عليه، اقتلوهم واذبحوهم واحرقوا سياراتهم ومنازلهم. ستعلن  الخلافة في كل أوروبا".

وقال يان ليمان (36 عاما) المسؤول عن خدمة الرسوم البيانية، حيث كان ناسلخانوف يعمل لفرانس برس "أعرفه، كنا نتناقش ونمزح معا". وأضاف "كان شابا لطيفا، ولم يكن  لديه أي أحقاد ضد فرنسا أو الفرنسيين أو غير المسلمين"...

15

واعتبر الخبير توماس هيغهامر مدير الابحاث حول الإرهاب في المؤسسة النرويجية  للأبحاث حول الدفاع في أوسلو، إنه بات من المؤكد أن السلطات "لن تتمكن أبدا على الأرجح من تحديد مواصفات الإرهابي. ليس هناك مواصفات نمطية فالأمر بات يشمل مجموعة  كبيرة أفرادها مختلفون جدا عن بعضهم البعض".

وأضاف هيغهامر، أن "البعض تجذبهم الحركة، بينما آخرون يبحثون عن إجابات بسيطة عن أسئلتهم، بينما غيرهم يقدر الثقافة الفرعية، في حين يريد غيرهم الانتماء إلى  مجموعة". وتابع "لكن يجب أن نلاحظ أن بعض الخصائص تبرز أكثر من سواها.. فطالبو الجهاد  مثلا في المجمل ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية الاقتصادية الأدنى من الوسطى".

واعتبر أوليفييه روا، خبير في الإسلام المتطرف ومؤلف "بحثا عن الشرق المفقود" (إصدارات سوي)، إن أسباب ميل مئات الشباب الأوروبيين إلى الجهاديين ليست في الدين الذي يجهلونه أو بالكاد اطلعوا عليه، بل مردها الى حركة تشمل جيلا بكامله.

وقال روا لصحيفة "لوبينيون"، "عندما تكونون شبانا معارضين للنظام، ما هو الخيار امامكم؟ علم البيئة بنصوصه غير المفهومة وطلابه المدعين أو الجهاد. على الأقل  مع داعش (إحدى تسميات تنظيم الدولة الإسلامية) هناك ضمانة بتصدر وسائل الإعلام  وباجتذاب الفتيات على غرار تشي غيفارا".

12