قبل منتصف أحد ليالي القاهرة، حددت الشرطة هدفها وسط الممرات الضيقة بمنطقة وسط البلد، وداهمت أحد الحمامات الشعبية العامة. أخرجوا العشرات من الرجال شبه عرايا وهم يحاولون إخفاء وجوههم أثناء اقتيادهم لسيارة البوليس.
ولتصوير ذلك كانت موجودة مذيعة التلفزيون مني العراقي التي قالت إنها من أبلغ الشرطة بوجود أنشطة مثلية في الحمام. وبعد عدة أيام أذاعت اللقطات التي تم عرضها بعنوان "وكر للشذوذ الجماعي" لنشر الإيدز في مصر.
الحملة في الأسبوع الماضي كانت الأحدث، واعتبر أحد المدافعين عن حقوق المثليين أن عام 2014 هو الأسوأ للمجموعات المثلية في مصر. تم دفعهم للاختفاء، ليس فقط خوفاً من القبض عليهم ولكن من الحملة الإعلامية المخيفة ضدهم.
“أنا مدمرة”، هكذا قالت سحاقية تسكن بالزمالك لـ "أسوشيتد برس"، متحدثة عن الحملة واللقطات التي أذاعتها مني العراقي في برنامج "المستخبي". وتحدثت مثل غيرها بشرط عدم ذكر اسمها خوفاً من الملاحقة. وأضافت: "مع كل حادث نبدأ بالاختفاء، ويبدأ البوليس في اصطيادنا". وأضافت "لو كانت هذه المقابلة العام الماضي لم أكن لأخفي شخصيتي لأنني أحب ما أنا عليه".
ويقول نشطاء إن حكومة الرئيس السيسي بحملاتها على المثليين، تحاول تعزيز مكانتها كحامية للقيم الدينية، وتنافس في ذلك الإخوان والإسلاميين. وفي نفس الوقت تقوم القنوات الخاصة المؤيدة للحكومة بتأجيج المخاوف من تهديدات الخارج سواء بالمؤامرات الأجنبية، المثليين، الملحدين أو حتى عبدة الشيطان.
يتخذ المثليون في مصر إجراءات لحماية أنفسهم، فأصبحوا يتجنبون أماكن تجمعهم المعتادة، وابتعدوا عن التطبيقات الإلكترونية التي كانوا يلتقون من خلالها خوفاً من تسجيل الشرطة لهم.
يتحدث شاب مثلي في الثلاثين من عمره عن الملاحقات الأمنية ويقول: "نحن فريسة سهلة، نحن الحلقة الأضعف"، مضيفا "النظام في حرب مع الإسلاميين، ونحن شيء صغير يمكنهم تحطيمه في طريقهم كجزء من الحرب الإعلامية".
وروى الشاب عن تجنبه المناسبات الاجتماعية، وكيف أنه أصبح حريصاً جداً حتى في المكالمات الهاتفية أو استخدام تطبيقات المواعدات على الموبايل مثل “جريندر”. وأنهي كلامه بقوله: "أنا خائف في منزلي مع شريكي".
ويقول سكوت لونج، الناشط والباحث في حقوق المثليين، إن حوالي 150 شخص هذا العام تم القبض عليهم أو في مرحلة من مراحل المحاكمة بقضايا لها علاقة بالمثلية الجنسية. مضيفا أن هذا العام هو الأسوأ منذ 2001، حين اقتحمت الشرطة مطعما وباخرة على نهر النيل، وألقوا القبض على 52 رجلاً بتهمة إقامة حفلة للمثليين.
وأكد لونج أن هذا العام، قامت الشرطة بحملة أمنية كل شهر تقريباً، منها حملات على المنازل. "يتدخلون في الحياة الشخصية، يقبضون على الأشخاص من شققهم الخاصة، يكسرون الأبواب للبحث عن دليل لمثليتهم، ويفتشون عن الواقيات الذكرية”، هكذا وصف لونج ممارسات الشرطة.. وأضاف: "هذه رسالة قوية من الدولة بأنها قادرة على اختراق الحياة الشخصية".
ويتحدث المدافع عن حقوق المثليين عن معاناة من تم القبض عليهم من الحمام الشعبي موضحاً أن المحامين يرفضون تمثيلهم في مثل هذه القضايا، حتى المنظمات الحقوقية ابتعدت عن تلك القضايا خوفاً من استهدافها من قبل الحكومة.
في مصر، حيث الغالبية المسلمة والأقلية المسيحية متحفظون دينياً، فالمثلية فعل محرم، والتحركات في اتجاه حقوق المثليين غير قادرة على كسب أي شيء. لا يوجد قانون في مصر يحرم المثلية الجنسية، لكن القوانين الغامضة ضد “الدعارة” وتهم أخري توجه للمثليين.
(عن "زحمة.دوت.كوم")