Sunday 26 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

محمد سالم الشافعي: خمسون سنة من الوهم والخداع، نتيجتها "الخروج من المولد بلا حمص"

محمد سالم الشافعي: خمسون سنة من الوهم والخداع، نتيجتها "الخروج من المولد بلا حمص" محمد سالم الشافعي
منذ خمسة عقود وسكان المخيمات يتجرّعون مرارة الخداع والوهم من قيادة البوليساريو، التي تسرق المساعدات الإنسانية باسم الثورة وتشيّد لنفسها القصور، بينما خُصِّص لسكان المخيمات خيام بؤس، واستُخدم الجوع كسياسة حرمان، مع فرض تراخيص حدودية جعلت من سكان المخيم قطيعا خاضعا. لتتحوّل القضية إلى "دكان تجارة" رأس ماله الشعارات الوهمية باسم "القضية الوطنية"، التي ألبستها القيادة عباءة شعاراتٍ جوفاء تُردَّد منذ زمن حركة دول عدم الانحياز والحرب الباردة، لترسّخ لدى بعض سكان المخيمات غباء غير مسبوق؛ نتيجة عاطفة تشكّلت من ثقافة طمست قيادة الجبهة جلّ مكوّناتها، لتدجين الصحراويين فكرياً وعاطفياً على وقائع غير ملموسة.
وقد قادت هذه السياسات البوليساريو، التي تدّعي شرعية "تمثيل الشعب الصحراوي"، إلى نكسة دبلوماسية وسياسية ممزوجة بضياع نصف قرن من حياة الصحراويين الذين كانوا ضحاياها، إذ قتلتهم وسجنتهم وعذبتهم، وساقت ما تبقّى منهم من سكان المخيمات كقطيع يردّد شعارات جوفاء وخطباً من ورق لم يتعدّ صداها حدود المخيمات. ولم ترافق جعجعة القيادة أي مظاهرات في المخيمات، ولا احتجاجات للصحراويين في الخارج ضد مسودة التقرير الأممي، فكانت النتيجة ما ورد في مسودة تقرير مجلس الأمن الدولي الذي سيصدر قراره النهائي مساء الجمعة المقبل.
 
حينها سترتفع الأصوات في وجه "ممثلها الشرعي" المهزوم أمام المملكة، رغم ما رافق التقرير من تصريحات صادرة عن مسؤولين في البوليساريو، اتسمت بالتناقض وأكدت ارتباكهم وتشبعهم بأوهام النظام الجزائري، الذي يعيش بدوره حالة "حيص بيص" بسبب الوضع الدولي الراهن في دول الساحل ومجموعة البريكس وغيرها.
وهكذا، كانت نتيجة الوهم وتخوين معارضي الجبهة أن انتهت القيادة بالمثل الشعبي: "الخروج من المولد بلا حمص"، وهو مثل يُستخدم لوصف من يشارك في حدث ويخرج منه دون أي فائدة أو مكسب.
أما المقترح المغربي، الذي لا تزال قيادة البوليساريو تنظر إليه بازدراء وتعتبر تنفيذه مستحيلا، فسيتم تثبيته إذا استعملت الولايات المتحدة وسائلها لدعمه من خلال القرار الذي سيصوّت عليه مجلس الأمن في نهاية أكتوبر 2025.
وعلى الرغم من تشبّث الجبهة بعدم مشاركتها في أي مفاوضات مستقبلية ما لم تتراجع الولايات المتحدة عن المسودة التي تتبنّى المقترح المغربي القاضي بجعل الحكم الذاتي أساسا وحيدا للتفاوض، فإنّ السؤال المطروح هو: هل ستلتزم جبهة البوليساريو بما قطعته على نفسها؟ فإذا فعلت، فستفقد ورقة الحلّ السياسي، وربما يعجّل ذلك بتصنيفها حركة إرهابية، وحينها ستسعى الجزائر إلى التخلص منها.