تحت عنوان "الهوية والتعايش"، نظم مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ، بشراكة مع مختبر الدكتوراه في الدراسات الاجتماعية والثقافية والفلسفية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله – كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، والمعهد المغربي الألماني للدراسات والبحوث، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ندوة دولية حول موضوع الهوية والتعايش في 18 من أكتوبر 2025..
وقد أعرب المشاركون من الجانبين الألماني والمغربي على أهمية هذا الموضوع في تعزيز قيم الحوار والتفاهم بين الثقافات، في سياق عالمي متغير تتقاطع فيه الهويات وتتجدد فيه أشكال التفاعل الإنساني.
عُقدت الندوة في قاعة الندوات بمركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ، شارك فيها كلٌّ من ألبرشت فوس، رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بمركز الدراسات الشرق أوسطية، جامعة ماربورغ ، عبد القادر محمدي، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعضو مختبر الدراسات الاجتماعية والثقافية والفلسفية، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، كلية الاداب و العلوم الانسانية ، ظهر المهراز فاس، العالية ماء العينين، أستاذة الدراسات العربية بجامعة محمد الخامس – كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ناديا يقين، إعلامية وباحثة في قضايا الهوية والاندماج بمركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ و مديرة المعهد المغربي الألماني للدراسات والبحوث وهشام عبيدي، أخصائي اجتماعي وباحث في قضايا الشباب والأعمال الاجتماعية بمركز الدراسات الشرق أوسطية و عضو المعهد المغربي الألماني للدراسات و البحوث.
الندوة أشرف على تسييرها عاصم حفني، أستاذ مساعد للدراسات الإسلامية والعربية بمركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعةماربورغ.
ألبرشت فوس تناول في مداخلته موضوع الهوية والتعايش المغربي-الألماني، منطلقًا من حكايات جده عن المغرب و حكاياته الشخصية كشاب في مدينة فرانكفورت، حيث تحدث عن الصور النمطية السائدة سابقًا حول الشباب المغربي خصوصا في منطقة محطة القطار فرانكفورت، وكيف اكتشف بعد زيارته للمغرب صورة مغايرة عن الصور النمطية التي كانت سائدة آنذاك، و ايضا ما لمسه من كرم الضيافة والانفتاح الثقافي لدى العائلات المغربية.
أما العالية ماء العينين، فتطرقت إلى الهوية والتعايش في زمن الذكاء الاصطناعي، من خلال مقاربة جديدة لمفهوم "الهوية السائلة" في العصر الرقمي، مؤكدةً أن التحولات التكنولوجية تفرض إعادة التفكير في معنى الانتماء والتفاعل الإنساني.
من جهته، ناقش عبد القادر محمدي موضوع الهجرة والاندماج من منظور أنثروبولوجي، مشيرًا إلى أهمية معرفة الآخر وثقافته بوصفها مدخلًا أساسيًا للتعايش الإيجابي.
الباحث هشام عبيدي قدم مداخلةً حول المفاهيم العلمية للهوية والتعايش، موضحًا كيف يمكن لهذه المفاهيم أن تسهم في بناء جسور التفاهم بين الثقافاتأما الباحثة ناديا يقين، فقد ركزت على الطعام كجزء من الهوية الثقافية وكجسر للتعايش، و الدور الذي يلعبه الطعام في التعارف، و خلق مساحة حوار خصوصا أن الثقافتان معا المغربية و الألمانية يشتركان في معنى الخبز و الملح، معتمدة على تقديم نموذج لمغربية من الجيل الاول في ألمانيا و كيف اسهم الطعام في تعزيز التقارب الانساني و الثقافي بينها و بين جيرانها الألمان في غياب اللغة و بالتالي تسهيل عملية الاندماج.
وقد خلصت الندوة إلى أن الهوية تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التعايش، وأن التعارف يشكل أولى خطواته الأساسية.
كما شهدت الزيارة جلسة نقاش وتحيينًا لبعض نقاط اتفاقية الشراكة بين مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ ومختبر الدكتوراه في الدراسات الاجتماعية والثقافية والفلسفية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، التي يجري الاشتغال عليها منذ أشهر، ومن المنتظر أن تُفعّل خلال الفترة المقبلة.
وتهدف هذه الشراكة إلى الإشراف المشترك على طلبة الدكتوراه، وتبادل الخبرات، وتنظيم فعاليات أكاديمية وعلمية مشتركة بين الجامعتين العريقتين، إذ تُعد جامعة فيليب-ماربورغ التي احتضنت الندوة من أقدم الجامعات الألمانية والأوروبية؛ حيث تأسست سنة 1527 على يد فيليب الأول، لاندغريف ولاية هسن، وتُعتبر أول جامعة بروتستانتية في العالم. وتتميز الجامعة بعراقتها وتنوع تخصصاتها في العلوم الإنسانية والاجتماعية والطبيعية والطبية.
و هي فرصة كما أجمع المشاركون للاشتغال ايضا على شراكة بين المدينتين ماربورغ و فاس لما يجمعهما من مشترك ثقافي و اكاديمي .
وفي ختام الزيارة، نظم المركز جولة ثقافية وعلمية للتعرف على معالم مدينة ماربورغ، التي تُعد من المدن الجامعية العريقة في ألمانيا، وتشتهر بعمارتها التاريخية وطابعها الثقافي، فضلًا عن احتضانها إحدى أقدم الجامعات في العالم، التي تُشبه في مكانتها التاريخية جامعة فاس، كما تُعرف المدينة بارتباطها بـ الأخوين غريم، مؤسسي الحكاية الشعبية الألمانية، حيث يمكن للزائر أن يرى رموزًا فنية وتاريخية مستوحاة من قصصهما الشهيرة، مثل حذاء سندريلا وبعض المجسمات التي تزين شوارع المدينة القديمة، مما يضفي عليها طابعًا ثقافيًا وأدبيًا فريدًا.