تعززت الخزانة الوطنية بإصدار جديد تحت عنوان "محمد الأممي ..سيرة إعلامي من الأعلام" للكاتب والباحث د. أسامة الشريف الكتاني حًول الفقيه الأديب الشاعر والرحالة والإعلامي محمد الأممي ( 1922-2015 ).
وفي تقديمه لهذا المؤلف أكد د. حمزة بن علي الشريف الكتاني، أن شخصية الأستاذ محمد الأممي، تستحق دراسات متعددة، كما أن مكانته تستحق أن توضع في مصاف مؤسسي الإعلام المغربي ورواده، ورجال الفكر والثقافة في العدوتين الرباط وسلا يقرأ الكتب بلهف وإمعان، وشوق، مما جعله يمتلك مكتبة قيمة تحتوى على مختلف المعارف والثقافات من علوم شرعية، ولغوية وسياسية، وتاريخية، وأدبية، وحتى كتب الطب والعلوم التجريبية الحديثة، فنهمه العلمي لا يتوقف عند شيء .
الكتاب يسلط الضوء على مسار محمد الأممي منذ ولادته بمدينة سلا ونشأته بالرباط وعلى شخصيته ومؤلفاته وأعماله. وفي هذا الصدد يتوقف د. أسامة الشريف الكتاني ،عند منجزه في عدة مجالات منها الشعر المغربي وأدب الرحلة حيث وثق سفرياته المتعددة خارج المغرب، ويبرز في هذا الصدد المؤلف إلى أن محمد الأممي ليس مجرد إعلامي، فهو فقيه وأديب ذو ثقافة غزيرة، وهو رحالة وكاتب ..، لذا فقد حق له أن يكون من بين الأعلام الذين شغلوا في وقت من الأوقات منصب إعلامي في الإذاعة المغربية، وهو في مقتبل عمره، فغمر هذا المنصب نشاطا وتميزا وإبداعا.
وأشار إلى ما كان يميز شخصيته، تعدد وجوهها الثقافية بفضل مثابرته على المطالعة وعصاميته، وساهم في ذلك كونه عايش عصر النهضة الزاخرة بالعطاء الفكري والأدبي والثقافي التي كانت تعيشها الدول العربية وخاصة مصر، وسعي المغاربة لمواكبه هذه النهضة بشكل أو بآخر، حيث ساهم بدوره في هذا العطاء من خلال مؤلفاته وشعره وبرامجه الثقافية في الإذاعة المغربية.
وإذا كان المؤلف قد تناول في الكتاب أنشطة وأعمال محمد الأممي ، فإنه خصص حيزا واسعا من صفحات الكتاب للتعريف بالدور الذي اضطلع به في الصحافة والإعلام، خاصة في أربعينات القرن الماضي حينما كان بالإذاعة المغربية، التي عمل بها بجد ومثابرة من أجل إعلام الجمهور بما يجرى في الوطن من قضايا وأحداث لمقاومة الاحتلال، كما نشط في البرامج الثقافية التي كان يتولى اعدادها وإنجاز التحقيقات والاستجوابات والتقارير الإذاعية والمقالات الصحفية، خاصة تلك التي نشرها في جريدة " العلم".
ومن أجل التعرف على الوجه الإعلامي لمحمد الأممي، توقف المؤلف عند التحقيق الذي أجراه حول زيارة المفكر والداعية المصري سعيد رمضان للمغرب في بداية سنة 1956 وكذلك الاستجواب الذي أجراه مع كل من وزير الأوقاف المصري حسن الباقوري بمناسبة زيارته للمغرب سنة 1955 وإبراهيم سلام عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة.
ومن بين مان يتميز به، ذكر المؤلف بأن الأممي وثق رحلاته في أوائل وأوساط الخمسينات من القرن العشرين التي قادته إلى عدد من الدول في كتاب تضمن، " جولة في خمس دول أوروبية" و" رحلتي في لبنان وسوريا وعمان وبيت المقدس"، و"رحلتي لباريز" و" مراكشي في مصر" و" جولة في الأندلس"، نقل فيه ما رآه من مشاهد والأماكن التي زارها، وعادات أهلها والمواقف التي تعرض لها خلال هذه الرحلات.
وبعد رحلته إلى الأندلس، يحكى في مؤلفه " مراكشي في مصر" عن دواعي اختاره زيارة أرض الكنانة، ويقول " وما سنحت الفرصة وحقق المغرب استقلاله، لستة أشهر، حتى كنت من السباقين إلى زيارة المشرق العربي" متسائلا في هذا السياق " ومن لغير مصر يجب الاتجاه أولا .."، وأن ما دفعه كذلك إلى إصدار كتاب عن مصر، هو أن يتفهم الناس حقيقة أحوال هذا البلد العربي، التي عمل على وصف رحلته إليها " أيام هيجانها ومواجهاتها.."، أيام تأمم قناة السويس، لينقل إلى القارئ المغرب مشاهداته وانطباعاته عن مصر وشعب مصر وحقيقة الأحول في أيام الثورة خلال الفترة العصيبة.
كما يصف لقاء البطل محمد بن عبد الكريم الخطاب بالقاهرة، ضمن وفد شبابي على هامش زيارة مصر، تم خلاله بالخصوص مناقشة حال المغرب والوضع الحاضر فيه، وكيفية الوصول به إلى مرحلة الاستقلال الكامل والنهائي.
وفي ختام كتابه، سجل أسامة الشريف الكتاني، " قدرة محمد الأممي المتنوع النشاط، على التدوين والملاحظة الدقيقة، والتفاعل مع ما يواجهه من عراقيل مزعجة وأحداث مبهجة:، مبرزا بأنه لا يمكنك إلا أن تلاحظ، عند قراءتك لشعره، ولنصوص الرحلات، وبرامج الإذاعة، سلاسة أسلوبه، وتفاعله مع مختلف المعطيات المتعلقة بكتاباته، من خلال الحس التاريخي والوطني والقومي، فضلا عن الحضور القوي للحس الديني.
ظهر كتاب"محمد الأممي ..سيرة إعلامي من الأعلام" الواقع في 145 صفحة من القطع المتوسط، والصادر عن دار الإحياء للنشر والتوزيع، ( الطبعة الأولى سنة 2025 )، دبج المؤلف بالخصوص، أن كتابه الذي "يبرز بعض أعمال الحاج محمد الأممي، يسلط الضوء على ما خفي منها، عسانا نوفيه بعض حقه لأجيالناالصاعدة أعمال وتجارب أسلافها".