السبت 9 نوفمبر 2024
خارج الحدود

الانتخابات الرئاسية التونسية تحت مجهر الضابط الجزائري كريم مولاي

الانتخابات الرئاسية التونسية تحت مجهر الضابط الجزائري كريم مولاي

هنا تونس : من أجل نهاية ثورية لمسار ديمقراطي في تونس

انتهت الجولة الثانية من حملة الانتخابات الرئاسية في تونس اليوم الجمعة 19 ديسمبر ويدخل الشيخان ومعهما الأتباع يوم الصمت الانتخابي، غدا السبت 20 ديسمبر، ويوم الأحد 21 ديسمبر سيذهب التونسيون إلى صناديق الاقتراع ليحسموا النزاع: أما ثورة وتشبيب الخضراء وإما سيلوح البوعزيزي بالمناديل المودعة لآخر أحلام الشباب في الحرية والكرامة وحق الشعوب في اختيار حكامها. جرت مياه غزيرة في البحر الديمقراطي التونسي و العربي، وتناطح اليمين مع اليسار، لكن الفاعل ظل واحدا، إنه اليد الأمنية الطويلة التي تبين بعد طول عراك إنها الأقوى بل والأقدر على تحديد الفاعلين وترويض الثائرين. قبل نحو 4 أعوام غادر زعيم الإسلاميين المعتدلين في تونس الشيخ راشد الغنوشي عاصمة الضباب لندن بتذكرة طائرة ذات اتجاه واحد غايتها مطار قرطاج الدولي في تونس , كان ذلك بلغة الإسلاميين يوما من أيام الله، فقد عاد الطريد إلى وكره بينما غادرها الرجل رقم 1 في ليلة ظلماء لم يشيعه فيها احد. بين ذلك التاريخ ويوم الأحد 21 ديسمبر حكمت تونس 5 حكومات متعاقبة كان أولها برئاسة محمد الغنوشي وثانيتها برئاسة الباجي قائد السبسي الذي سلمها بدوره إلى سلفه المنتخب حمادي جبالي، ولم تمض أشهرا حتى اغتالت يد الغدر الأمنية الخفية الزعيم اليساري شكري بلعيد بعد أن أدى مهمة ترذيل حكم الحمادي جبالي من الإسلاميين، واسقط حكومة "الترويكا 1" سقطة ليس لها مثيل، وجاء رفيقه في السجن علي العريض إلى قصر القصبة، لكن بيانه لم يكن أصدق أنباءا من آلة الأمن ورصاصها الذي أصاب البرهامي في مقتله، وتم وضع حد لحكومة الأحزاب بامتياز. كان الحجار (السفير الجزائري بتونس عبد القادر حجار ) وهو ديبلوماسي مخابراتي عريق قد جاب عواصم إفريقيا الصاعدة ودولها النافذة يخيط ويخطط في شوارع المدينة العتيقة بتونس المحيطة بالقصبة مع معالم الحكم الجديد الذي كاد أن ينزلق إلى حرب أهلية لولا أن العصي الغليظة التي تم رفعها في رابعة قد أقنعت هذا الغنوشي برفع العلم الأبيض واختيار السلامة عن الندامة. كان واضحا للجميع أن سيدي بوزيد وبقايا دماء البوعزيزي التي كتب عنها الشعراء الكثير وهم بالمناسبة إعلاميون موظفون في الغالب، قد وضعت أوزارها واختفى بريقها، وزار الغنوشي عواصم عربية وغربية كثيرة بل إن بعضهم منحوه جوائز فلسفية تاريخية وذاع صيته عند القاصي والداني. واتفق الأعداء السياسيون في تونس بعد طول خصام , حول الدستور وحكومة التكنوقراط وقانون الانتخابات وتم تشكيل هيئة الانتخابات التي عهد إليها مهمة الإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية والتي نحن على أعتاب آخر حلقة من حلقاتها في المنافسة بين المرزوقي والسبسي. لا مجال للمقارنة بين الرجلين فالمرزوقي دكتور وجامعي وناشط حقوقي منذ وقت طويل , كابد السجن وقارع كؤوس المنفى وذاق من ويلات الحرمان الكثير , حتى انه لما دخل قصر قرطاج وقد أعياه الطريق الى الحرية , اختار ان يقتسم راتبه مع فقراء أعزاء قاسموه عراك الاستبداد. أما الباجي قايد السبسي الذي بلغ من العمر عتيا (89) سنة ولم يعد قادرا على إتمام حوار تلفزيوني فقد ذاق من كؤوس قصر قرطاج وقبلها من دهاليز وزارة الداخلية في شارع الحبيب بورقيبة الشهير في قلب العاصمة التونسية الكثير. لا أريد الإطالة أكثر فالسؤال واضح: هل ستنجح العصي الغليظة التي يرفعها فاعل مجهول في وضع حد لقوس الثورة والانتقال الديمقراطي ؟ والجواب واضح رائحته فاحت يوم اختاروا محمد الناصر رئيسا للبرلمان وعبد الفتاح مورو نائبا له وكلاهما قد تجاوز ال70 من العمر. اللهم انصر ثورة تونس، ثورة بكت لدمائها عيون الملايين من الثوار العرب في طرابلس وبنغازي رابعة، صنعاء وعدن، دمشق، وحلب الباكية هذه الأيام.

 

كريم مولاي، ضابط سابق في المخابرات الجزائرية

المملكة المتحدة

19 ديسمبر 2014