إذا كان المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة، قد حقق إنجازا تاريخيا غير مسبوق بفوزه لأول مرة بكأس العالم، بعد انتصاره ليلة 20 أكتوبر 2025 في ملعب " خوليو ما رتينيز برادانوس بسانتياغو في المبارة النهائية على المنتخب الأرجنتيني، ب" مونديال الشيلي" فإنه بالمقابل، يطرح سؤال هل ستتمكن وسائل الاعلام المغربية من مجاراة ما يحققه الرياضيون في السنوات القليلة الماضية خاصة كرة القدم، ومواكبة التظاهرات الدولية الكبرى في مقدمتها مونديال 2030 المقرر أن يحتضنه المغرب بمعية كل من اسبانيا والبرتغال وقبلها بروفة بطولة كأس افريقيا للأمم لكرة القدم .
وإذا كانت وسائل الاعلام، تتفق على على أن تتويج " أشبال الأطلس "سيفتح صفحة جديدة في مسار كرة القدم المغربية، فإن هذا المستوى من النتائج التي يحققها الرياضيون التظاهرات والملتقيات العالمية، تطرح تساؤلات متعددة على وضعية الصحافة، ومنها المتخصصة في مجال الرياضة، ومدى تمكنها من مجاراتها للتحولات التي يعرفها هذا الميدان على المستوى العالمي والوطني الذي أضحى يستأثر باهتمامات الرأي العام وطنيا ودوليا.
رهان المونديال
مما يمكن طرح معه سؤالا يتعلق ب" هل الصحافة ستتأهل للنهائيات؟"، ليس ما تقدمه على رقعة الملعب، ولكن من خلال من خلال المواكبة المهنية الاحترافية، لهكذا تظاهرات رياضية عالمية. وفي هذا المنحى كثيرا ما يثار هذا السؤال داخل الأوساط المهتمة بالشأن الإعلامي، من بينهم الكاتب الصحافي جمال المحافظ الذي اعتبر في إصداره الأخير الموسوم ب"الاعلام ومونديال 2030"، بالخصوص أنه إذا كان رهان تنظيم كأس العالم في كرة القدم سنة 2023، لا يقف عند حدود توفير البنيات اللازمة للتنظيم، على أهميتها، ولكن كذلك الاستعداد اللازم والناجع للإعلام الرياضي، وتأهيل الصحافيين، وإعدادهم مهنيا وحرفيا، لما للصحافة والإعلام من أهمية قصوى في ضمان نجاح هذه التظاهرات الرياصية العالمية في زمن الثورة الرقمة وما أضحت تطرحه من تحديات على الاعلام بمختلف وسائله.
ويعتبر جمال المحافظ مدير الاعلام السابق بوكالة المغرب العربي للأنباء ،إن المدخل الحاسم لتسويق صورة المغرب ليس فقط الرياضية بل الحضارية والثقافية والسياحية، إذ من خلال كتاب " الاعلام والمونديال 2030 "، نُعيد إكتشاف حدث "المونديال" باعتباره أكثر من مجرد مسابقةٍ في الكرة . يُجرب الكاتب بالعين المُجربة للصحافي أن يُعدِدَ زوايا النظر لموضوع إستضافة المغرب للتظاهرة الأشهر في عالم الرياضة الأكثر شعبية فوق الأرض . ثم يستعير - في الآن نفسه- عُدة الباحث وهو يُعيد بناء موضوعه بالكثير من دقة التجرد و وًضوح المسافة ،لذلك ينتبه إلى أن المَطلوب ليس دائما إعادة إنتاج لحظة الإنبهار و خطابات الاطمئنان، كما كتب الأستاذ الجامعي حسن طارق، على ظهر هذا المؤلف الذي يقترح علينا صاحبه الأهم : أن نفكر بذكاءٍ أكبر في الحدث ،وأن نتسلح في سبيل ذلك بمقاربات ثقافية و اجتماعية، تَنْظر إلى الحدث كلقاءٍ جديد بين المغرب و العالم ،نَستضيف خلاله العالم،و نَحُل ضيوفاً عليه في الآن نفسه.
التكوين والتأهيل
لايكتفي المؤلف في كتابه الجديد، بمقاربته الشخصية لقضايا الاعلام والمونديال، بل يشك في التفكير حول هذا الحدث الرياضي العالمي الغير مسبوق، عدد من القامات الصحافية غالبيتها جربت تغطية عدد من كؤوس العالم، والتظاهرات الرياضية الدولية، كما يستقى آراء اعلاميين وباحثين وخبراء في المجالين الثقافي والحقوقي والبحث العلمي، حول مقاربتهم للمونديال الذي يعد حدثا رياضيا لكن بأبعاد ثقافية وبعيون إعلامية .
فالرهان الحقيقي الذي يواجه الإعلام المغربي في أفق تنظيم كأس العالم، لا يتعلق فقط بالتغطية الإخبارية للحدث، بل يرتبط أساسا بقدرة الإعلام الوطني على أداء وظيفته التنموية والثقافية والحضارية، وهو ما يتطلب الانخراط الواعي في مشروع استراتيجي كبير تتجاوز أبعاده الطابع الرياضي، وهو ما قد يمثل لحظة تاريخية لتجديد الخطاب الإعلامي وتحديث أدواته، بما يخدم إشعاع المغرب الدولي، ويعكس مكانته كبلد صاعد وفاعل على المستوى العالمي.
غير أن غالبية المختصين والمتتبعين للشأن الرياضي الوطني، يذهبون الى القول أن أداء الصحافة ومنها الرياضية، يظل دون المستوى المأمول، والذي يعود في جانب منه فضلا عن مستوى الأداء إلى النظرة السلبية والنمطية التي عادة ما تلتصق منذ مدة بالصحافة بصفة عامة والرياضة بالخصوص، وذلك نتيجة الضعف الذي يعاني منه منتوجها الإعلامي الرياضي، و"الدخلاء عن المهنة"، وسوء تدبير الشأن الرياضي خاصة على المستويات المحلية، فضلا عن تراجع منسوب المهنية، وأخلاقياتها، والنقص الملحوظ في مجال التأطير والتكوين.
موقع الاعلام
وإذا كانت هناك رهانات وتحديات تواجه الصحافة الرياضية، فإن الاشكال في حقيقة الأمر، لا يرتبط بهذا التخصص الصحافي فقط، بل بموقع الصحافة والصحفيين ووضعيتهما وصورتها لدى الرأي العام، لكن بارتباط بالسياق العام، ومدى جعل الصحافة والاعلام والسياسات العمومية التي تتطلب رؤية بعيدة المدى، مع غياب استراتيجية إعلامية واضحة المعالم متعددة الأبعاد، تقطع بشكل نهائي التعامل الظرفي، وتضع بعين الاعتبار بأن الإعلام التحولات التي فرضتها الثورة الرقمية في هذا الميدان.
لكن مع كل ذلك يظل الأمل أن يدش حدث مونديال كرة القدم 2030، لمرحلة جديدة تكون مغايرة فارقة في حياة الاعلام الوطني بصفة عامة، والرياضي بصفة خاصة، للارتقاء بمستوى الأداء الإعلامي، الذى يتعين ادراجه ضمن الأوراش المتعلقة بالاستعدادات الجارية لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم، كما يؤكد جمال المحافظ في مؤلفه، والذي يشدد فيه كذلذلك على قضية التكوين واستكمال التكوين مسألة هامة ومستعجلة، لتجويد الممارسة الصحفية، حتى يتمكن الإعلام الوطني، من أن يتحول إلى مصدرا للأخبار في مواكبة كل ما يروج حول مونديال 2030 سواء المغرب أو بإسبانيا و البرتغال اللتين التي تحتضن مع المغرب هذه التظاهرة الرياضية العالمية الأولى التي تجمع بين قارتين افريقيا وأوربا.