فبعد الإشادة بدور البرلمان، أغلبيةً ومعارضةً، في القيام بوظائف التشريع والمراقبة وتقييم السياسات العمومية؛ دعا جلالته نواب الأمة إلى القيام بالمهام المنوطة بهم، والتي تم تحديدها في خمسة مستويات:
المستوى الأول: يهم الجانب الدبلوماسي، من خلال دعوة الملك للبرلمانيين للقيام بمهام الدبلوماسية الموازية إلى جانب الدبلوماسية الرسمية، وذلك للدفاع عن القضايا الكبرى للوطن.
المستوى الثاني: مرتبط بفلسفة الاشتغال، القائمة على التقيد بشروط الجدية والمسؤولية، بهدف تحسين ظروف عيش المواطن وجعله في صلب المشاريع المنجزة، والتي ينبغي إحاطته علماً بها، كآلية للتعريف بالقرارات المتخذة.
المستوى الثالث: متعلق بتحديد المسؤوليات، والتي لا تنحصر في الحكومة فقط، بل تمتد إلى البرلمانيين، والمنتخبين المحليين، والأحزاب السياسية، والإعلام، والمجتمع المدني.
المستوى الرابع: يمثل تذكيراً بما جاء في الخطاب الملكي السابق بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلائه عرش أسلافه المنعمين، من خلال التأكيد على أهمية الشروع في إنجاز الجيل الجديد من مشاريع التنمية، وفق أهداف العدالة المجالية والاجتماعية، عبر السعي إلى تغيير العقليات القديمة، وتكريس ثقافة النتائج، والاستناد إلى معطيات الواقع.
المستوى الخامس: يهم الدعوة الملكية الصريحة إلى الاهتمام بمجالَي الصحة والتعليم، والتأهيل الترابي، من خلال أولويتين:
-
الأولى تهم مناطق الجبال الأكثر هشاشة،
-
والثانية تتعلق بالاستثمار الأمثل في المناطق الساحلية.
في الختام، لا يسعنا إلا أن نشير إلى مسألة جوهرية، مرتبطة بترقّب المواطنين الذين كانوا ينتظرون قراراً ملكياً بخصوص احتجاجات "جيل زيد".
فلا يمكن توقع أي قرار في هذا السياق، لأن خطابات افتتاح دورات البرلمان هي بالدرجة الأولى خطابات توجيهية تشريعية، وتُعنى بتحديد مسؤوليات البرلمان في ارتباط بالحكومة.
كما لا يفوتنا التأكيد على تضمين الخطاب الملكي إشارات واضحة إلى ضرورة إصلاح التعليم والصحة، ضماناً لكرامة المواطن.
أما تحديد المسؤوليات، الذي يشمل الحكومة والبرلمانيين والمنتخبين المحليين والأحزاب السياسية والإعلام، فلا يعني بالضرورة الدفاع عن الحكومة الحالية أو الثناء عليها. فحتى في حال الإقالة المفترضة، فإن الطقوس الملكية تقتضي التنويه بما بُذل من جهود طيلة أربع سنوات من التدبير الحكومي.
عبداللطيف مستكفي
أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق الدارالبيضاء.
ورئيس مركز البديل للدراسات السوسيولوجية و القانونية