Monday 6 October 2025
فن وثقافة

مركز إعلامي يدعو الإعلام العمومي لمقاربة جديدة في التعاطي مع الحركة الاحتجاجية

مركز إعلامي يدعو الإعلام العمومي لمقاربة جديدة في التعاطي مع الحركة الاحتجاجية المركز يشدد على ضرورة أن يتناول الإعلام هذه الأحداث وفق مقاربات متنوعة ومن زوايا متقاطعة
أكد المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال على التعاطي المهني لوسائل الإعلام مع الحركة الاحتجاجية الشبابية، بعدد من المدن والمناطق، وذلك من خلال ترجمة الأدوار المطلوب أن تضطلع بها، خاصة على مستوى المساهمة في فتح نقاش عمومي، يكون متعدد الأبعاد، ويكون فضاء لمختلف آراء الفاعلين من كافة المواقع والحساسيات وحقول معرفية متعددة.

وشدد المركز في بلاغ توصلت جريدة "أنفاس بريس" بنسخة منه على ضرورة أن يتناول الإعلام هذه الأحداث وفق مقاربات متنوعة، ومن زوايا متقاطعة، وأن يتحول في تعاطيه مع هذه الأحداث، وتداعياتها إلى وسيلة تمكن الرأي العام الوطني والدولي من تكوين صورة حقيقية، وواضحة عن هذه الاحتجاجات ومدى انعكاساتها على راهن ومستقبل البلاد في العديد من الميادين الحيوية في مقدمتها الصحة، والتعليم التشغيل، ومحاربة الفساد وهي القضايا التي شكلت أبرز المطالب التي حركت الشباب للخروج للشارع للاحتجاج. 

وزاد قائلا:"في الوقت الذي كان الأمل في أن يستأثر هذا الحراك الشبابي الجديد، باهتمام وسائل الإعلام العمومية، وخاصة السمعية البصرية، وأن يتصدر نشرات أخبارها- كما هو شأن البلدان المتطورة -عوض جعله موضوعا ثانويا، يلاحظ المركز  من خلال رصده لذلك، بأنه غالبا ما يجرى في هذا السياق، الاكتفاء بتمرير بلاغات السلطات، ووجهة النظر الرسمية، وتغييب وجهات نظر الفاعلين والخبراء والباحثين الجديين، والتعتيم حول جوانب أخرى، وهو ما يساهم بالفعل، في فتح الباب على مصراعيه لترويج الاشاعات والمعلومات المضللة".
 
وفي هذا الصدد أكد المركز المغاربي، على أنه يتعين على وسائل الاعلام باعتبار جميعها، تقدم الخدمة العمومية، أن توفر الأخبار الصحيحة، ومن مصادر متعددة، من خلال المواكبة الحية، واستخدام الأجناس الصحافية والإعلامية المختلفة، كالتحقيق والتقصي كآليات في مهام الصحافة المتمثلة في البحث عن الحقيقة بكل تجرد واستقلالية مهنية، عبر فتح المجال للرأي والرأي الآخر عوض أن تظل وسائل الاعلام، تردد صدى البلاغات الرسمية، مع ما تتعلل به وتروج له في كثير من الأحيان بـ"انتظار التعليمات"، إذ أن الخدمة العمومية في الإعلام تستند على معايير الجودة والمهنية والتنوع والتنافسية، ودعم قيم الديمقراطية والمواطنة، وعدم التحيز والاستقلالية التحريرية". 
 
وأضاف أنه بغض النظر عن المطالب المشروعة للشباب الذي يقف وراء هذه الاحتجاجات السلمية، فإن الوقائع أظهرت مرة أخرى، الوهن والعجز المزمن الذي يعاني منه الإعلام الوطني الذي لم يستفد بما فيه الكفاية خاصة من الإيجابيات التي توفرها الثورة الرقمية التي أرخت بظلالها على كافة المجتمعات التي حول بعضها التطور التكنولوجي إلى فرص جديدة في التعاطي مع المتغيرات التي نعيشها في كل لحظة وحين. 
 
كما أكد على أنه كان بمقدور وسائل الإعلام، أن تكون فضاء مهما لنقاش عمومي يتم خلاله تبادل الآراء بين الفاعلين على كافة المستويات ومن مختلف المواقع، والتعامل بحرية واستقلالية مع الابتعاد عن أساليب الاثارة والتضليل والتعتيم، مهما كان مصدره، وهو ما قد يفوت الفرصة على كل من يحاول استغلال هذه الحركة الاحتجاجية الشبابية، ذات الطبيعة الاجتماعية والحقوقية، بهدف تصريف مواقف لا تخدم المصلحة العامة، وهذا ما يتطلب الارتقاء بمستوى الأداء الإعلامي الوطني حتى يتمكن الرأي العام من الوقوف على مختلف مجريات هذه الأحداث والتعرف على المطالب التي ترفعها ومدى انعكاساتها المستقبلية. 
 
وإذا كان تعامل الإعلام مع مثل هذه الأحداث التي غالبا ما تكون مفاجئة، يتسم في بداية الأمر بنوع من التردد، يقول المركز، فإن وسائط التواصل الحديثة، يكون لها قصب السبق في التعاطي مع هكذا أوضاع، والدليل على ذلك الدور الذي قامت به هذه الوسائل التواصلية إبان الحركات الاحتجاجية، التي عرفتها البلاد في مقدمتها  20 فبراير سنة 2011 وحراك الريف 2016-2017، و حملة مقاطعة علامات تجارية التي اتخذت سنة 2018 من الفضاء الأزرق وسيلة للمواجهة وتحقيق مطالبها .
 
ويرى المركز المغاربي بأنه إذا كانت وسائل الاعلام، خاصة العمومية منها، قد تمكنت أن تتصالح مع الجمهور، من خلال ضمان مواكبة مهنية، لبعض الأزمات مؤخرا من قبيل جائحة كوفيد 19 سنة 2020، وزلزال الحوز سنة 2023 ، فإنه يلاحظ بأن الإعلام العمومي، وإن كان الأمل في أن يتواصل هذا المجهود المهني أن يتواصل ليعانق قضايا أخرى، فإنه على عكس ذلك، عاد لنمطه التقليدي في مواكبة الأحداث، ويظل خاضعا ل"انتظارية قاتلة"، بدعوى " انتظار التعليمات "، أبقته عاجزا عن اتخاذ مبادرات تلقائية واستباقية تقتضيها طبيعة هذه الظرفية التي تعرف تناميا مستمرا، مما ترك الباب مشرعا للإعلام الوافد الذي أصبح وسيلة رئيسة لتعميم المعلومات ونشر الأخبار المحلية، سواء كانت صحيحة أو زائفة.
 
ومساهمة منه، كإطار مدني مستقل، للدراسات والأبحاث في الاعلام والاتصال يقوم المركز المغاربي حاليا بتعاون مع شركائه، بالتحضير لندوة علمية تقارب الإعلام، والحركات الاحتجاجية الشبابية، يساهم فيها اعلاميون وخبراء وهيئات مدنية صحفية وحقوقية، يأتي هذا اللقاء بعد ندوة أولى نظمها المركز حول " الحركات الاحتجاجية بالمنطقة المغاربية".