الأحد 24 نوفمبر 2024
رياضة

"عرس" الموندياليتو ونازلة مركب مولاي عبد الله عذر أكبر من الزلة

"عرس" الموندياليتو ونازلة مركب مولاي عبد الله عذر أكبر من الزلة

تابع الرأي العام الدولي والوطني باندهاش كبير تصريح وزير الشبيبة والرياضة وهو يحمل الفيفا وزر ما حدث لأرضية وعشب مركب الأمير مولاي عبد الله بالعاصمة الإدارية الرباط.. لن ننعث الوزير باللقب الذي ألصق به في العديد من المقالات بمختلف المنابر الإعلامية استحضارا لخطورة الموقف واستحضارا كذلك لمفهوم تنزيل وأجرأة مضامين دستور 2011 الذي ربط المسئولية بالمحاسبة، حيث أن وزير الشبيبة والرياضة مسؤول ضمن تشكيلة الحكومة المسؤولة أمام الملك والبرلمان والشعب المغربي.

وكما يعلم المهتمون والمتبعون للشأن الرياضي، فإن الوزارة هي المسؤولة عن إصلاحات الملعب في جميع مراحله، انطلاقا من الدراسة التقنية وإعداد الصفقة وإنجاز دفتر التحملات ومتابعة ومراقبة الأشغال والوقوف على احترام المقاييس التقنية للمرور إلى عملية تسليم الملعب بعد نهاية الأشغال والإصلاحات الضرورية، حيث بعد ذلك تتم عملية تفويته للشركة المسيرة للتجهيزات والمرافق وكذا الشركة المستغلة للملعب (سورنارجيس)، مثل ما هو الحال بالنسبة للملاعب الأخرى بكل من مراكش وأكادير وطنجة، إذ يتضح أن هذه الشركات هي "مستغِلة" فقط، وليست مسؤولة عن أي خلل قد يشوب عملية الإصلاح والترميم وإنجاز مشروع الملعب.

وفي سياق الموضوع علق أحد الظرفاء، وهو بالمناسبة متقاعد فوسفاطي، على الحدث، مصرحا لـ "أنفاس بريس": "لقد ذكرني وزير الشبيبة والرياضة بواقعة كانت حدثت لأحد المواطنين الذي اكترى قاعة للأفراح من مالكها لإقامة عرس زفاف لابنته، وأثناء الحفل، وفي أوج الفرح، تهاوى جزء من القاعة على رؤوس المدعويين (الطايح كثر من الواقف)، فسارع مالك القاعة إلى التبرئ من الواقعة وحمل المسوولية لأصحاب العرس، لكن بعد التحريات والبحث تبين أن المسوولية يتحملها المقاول الذي أنجز مشروع قاعة الأفراح، ونصب على مالك قاعة الأفراح المغفل".

وعودة إلى الموضوع نطرح بعض الأسئلة  الجوهرية وهي كالآتي: كيف لنا أن نستسيغ مضمون تصريح الوزير ومدير المركب على أن الضغط الذي مارسته الفيفا لم يترك الوقت الكافي ليكون عشب الملعب في كامل الصلاحية؟ ولماذا لم تتم مراسلة الفيفا كتابيا ورفض تنظيم المباريات بالملعب ونقلها إلى طنجة ومراكش أو أكادير، مادامت هذه الملاعب جاهزة، وأثبتت ذلك في النسخة الماضية؟ أم أن الوزير بعد تدشينه للملعب وسط صخب إعلامي كبير وحصده للكثير من النقط في حسابه السياسوي جعله يفكر أكثر في تسخير الموندياليتو طمعا في المزيد من تلميع الذات؟

إن تدشين ملعب كلف مبلغ 22 مليار سنتيم من المال العام من طرف وزير مسؤول في حكومة مسؤولة أمام الملك والبرلمان والشعب المغربي، يتحمل فيه المسوولية كاملة لأن مصالح وزارته لم تقم بما يلزم أثناء وخلال إنجاز المشروع.. كما أن مكتب الدراسات المكلف بتتبع ومراقبة الأشغال يتحمل جزءا من المسؤولية دون الحديث عن المقاولة التي حضيت بالصفقة.. كما أن مشروعا من هذا الحجم كان يجب أن يخضع للتجربة تحت جميع الظروف المناخية لمدة ستة أشهر على الأقل وعدم المغامرة به في تظاهرة عالمية من هذا الحجم، أم أن الأنانية والحسابات السياسية الضيقة والاستهتار بمشاعر ومصالح المغرب العليا كانت وراء هذا التصرف الطائش واللامسؤول؟  

إن الأزمة التي وضعت فيها الحكومة من طرف وزير الشبيبة والرياضة أضحت تعني الجميع، وكان لزاما على رئيس الوزراء بنكيران أن يعلن عن تشكيل لجنة للتحقيق محايدة بعيدا عن تدخل الوزارة المعنية لأنها طرف أساسي في الحدث الذي تابعته كبريات القنوات التلفزية عالميا والعديد من المنابر الصحافية الورقية والاليكترونية، بل الاستعانة بخبراء مغاربة وأجانب للوقوف على الخلل الذي لحق بالمشروع وترتيب الجزاء.. ومن جهة أخرى فإن البحث عن أكباش فداء داخل أروقة الوزارة بهذه السرعة (مدير المركب، الكاتب العام، مدير الرياضات...) كمن يريد إخفاء الشمس بالغربال والغابة بالشجرة، وهو إجراء متسرع حيث يرى بعض المتتبعين للشأن الرياضي أنه كان من الممكن انتظار نهاية كاس العالم للأندية، تفاديا للمزيد من الإساءة لسمعة المغرب واستغلال ذلك من طرف العديد من المنابر الإعلامية المعادية للوطن.

إن الجبهة (السنطيحة) وتخْراجْ العينين وعدم تقبل الرأي الآخر من طرف العديد من أعضاء الأغلبية الحكومية كان وراء هذه الأزمة التي تستوجب محاسبة الرؤوس الكبيرة وليس أكباش الفداء وطبعا بعد نهاية العرس....

فهل يمتلك وزير الشبيبة والرياضة الشجاعة والجرأة ويقدم استقالته قبل أن تطالبه الجماهير والجمعيات الرياضية بالرحيل ويترك لجنة التحقيق تقوم بعملها حماية للثروة الوطنية التي تحدث عنها ملك البلاد في آخر خطاباته.