هل أضحت السياقة في المغرب، في الوقت الراهن، حصة تعذيب؟
كل المعطيات وحالات المعيش اليومي، على الطرقات، لاسيما وسط المدن ( الكبرى والمتوسطة أساسا) وبين المجدن قد تجيب بدون تردد بأن السياقة في المغرب قد أضحت حصة معاناة، بل حصة تعذيب آني ومستقبلي حين تترتب عنها عاهات مستديمة أو وفيات في عين المكان أو بعد حين أو مآسي، وما ينعكس، جراء ذلك، على الأسر كبارها وصغارها، بل لم يتردد الكثير من السواق والراجلين والراجلات يؤكدون معاناتهم ومعاناتهن مع السياقة إن كانوا خلف المقود أو عابري طريق داخل المدن وعبر الطرقات السريعة أو الفظيعة.
طبعا تتوفر السلطات الأمنية المعنية والمعتمدة ( سواء الدرك الملكي أو الإدارة العامة للأمن الوطني وكذا سيارات الإسعاف والمستشفيات) على المعطيات الكاملة والتفصيلية التي يتم نشرها بانتظام وفي أرشيفها المعتمد.
وقد أثير مؤخرا، وإن كان ذلك بارتباك غير مفهوم، إطلاق حملة على دراجات بمحرك طالها تعديل في محركها ...كما اثير أيضا موضوع تقنين les Trotinettes وتم تأجيله، وفي هذا السياق، كشف وزير النقل واللوجيستيك، محمد عبد الجليل عن إعداد مشروعي مرسومين بتغيير وتتميم المرسومين رقم 2.10.421 بشأن المركبات، و2.10.420 بشأن قواعد السير على الطرق، واللذين يوجدان في قنوات المصادقة.
وقد قال الوزير في عرض قدمه خلال اجتماع عقدته لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، حول إشكالية السلامة الطرقية، إن التعديلين اللذين جاء بهما هذان المشروعان، يصبان في التنصيص على مقتضيات منها إحداث تعريفين لمفهومي “مركبة التنقل الشخصي بمحرك” و”الدراجة بدواس مساعد”؛ وتحديد الشروط والخصائص التقنية الواجب توفرها في مركبة التنقل الشخصي بمحرك والدراجة بدواس مساعد؛ وتحديد قواعد سيرها على الطرق، وفق ما تقتضيه السلامة الطرقية وأمان مستعملي الطريق العمومي.
ومن جهتها سجلت السلطات المغربية، ممثلة في الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارساNARSA ) ومديرية الأمن الوطني، ارتفاعًا ملحوظًا في حوادث السير خلال سنة 2025، مع زيادة في عدد الوفيات والإصابات مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك بالرغم من الجهود المبذولة في حملات المراقبة وتطبيق القانون، والتي تركزت في الأشهر الأولى من العام على معالجة ظاهرة الدراجات النارية وإجراءات السلامة في مواسم الذروة الصيفية، وفقًا لتقارير نشرتها عدة مواقع إلكترونية.
أبرز الأرقام والإحصائيات:
زيادة عامة في الوفيات والإصابات: حيث شهدت الأشهر الخمسة الأولى من 2025 ارتفاعًا في عدد الوفيات بنسبة 21%، والإصابات الخطيرة بنسبة 21%، والإصابات الخفيفة بنسبة 14% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024 .
تفاقم الحوادث داخل المدن سجل شهر يوليوز 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الحوادث وعدد القتلى داخل المدن .
تحدي الدراجات النارية، حيث تعد هذه الدراجات النارية ذات العجلتين والثلاث عجلات سببًا أساسيًا في تفاقم أزمة حوادث السير، حيث ارتفع عدد الوفيات المرتبطة بها بنسبة 63.04% بين عامي 2015 و2024.
وهنا تبرز مسؤولية شركات التسليم إلى مكان السكن Livraison à domicile التي تعرف إقبالا وانتشارا متصاعدا على متن دراجات نارية يسوقها شباب يخترق الطرقات يمينا وشمالا وفي كل الاتجاهات يفاجئون سائقي السيارات والراجلين، يغامرون بسلامتهم بل بحياتهم ( تتوفر السلطات الأمنية المختصة على معطيات بشأنها، علاوة على الحالات التي يتنازل فيها راجلون أو سواق عن حقهم تعاطفا مع سائقي الدراجات بمحرك إلا في الحالات الخطيرة التي تخلف ضحايا في الأرواح والأعطاب ووسائل التنقل ( دراجات عادية ونارية وتروتينيت.....) وغالبيتهم لا يستفيدون من التغطية الصحية، وفي حالات الحوادث لا توفر الشركات المستغلة للمناولين من خلال عقد العمل القائم على " المقاول الذاتي" علما أن هذه "المهنة" غير مؤطرة تنعدم معها شروط العمل اللائقة.
وعلى العموم يمكن القول إن مشكلة حوادث السير في المغرب يتحملها جميع الأطراف بدرجات متفاوتة حيث تتمثل معاناة السائقين والمشاة في المغرب في تفاقم حوادث السير بأسباب كثيرة ومتنوعة يتداخل فيها ضعف تكوين السائقين ( ذكورا وإناثا طبعا) ، نقص الوعي، والتهور، وعدم احترام قواعد السير، إضافة إلى مشاكل البنية التحتية للطرقات وعلامات التشوير والإنارة السيئة أو غير الكافية، علاوة طبعا على شمولية الأسباب المتمثلة في السرعة المفرطة، وعدم انتباه السائقين والسائقات والمشاة، وعدم احترام حق الأسبقية، مما يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، علاوة على ما تخلفه من مآسي اجتماعية وجسدية ونفسية.....
ورغم تشديد مدونة السير على عقوبات مخالفات السائقين والسائقات والمشاة، ذكورا وإناثا، إلا أن التطبيق الفعال وتوفير البنية التحتية المناسبة وتكثيف وانتظام حملات التحسيس والتوعية ضروريان للحد من هذه المعاناة ومآسي حوادث السير والسياقة.
وتتحمل شركات التأمين نصيبا لا يستهان به، حيث لا تتخذ مبادرات للعرفان بالسائقات والسائقين المنضبطين للقوانين من خلال تحفيزات مشجعة لمن لا يرتكبون الحوادث على مدار السنة بل والسنوات، من خلال اتخاذ وتنفيذ مبادرات تشجيعية في أشكال مختلفة تشجع المنضبطين لقوانين السياقة والسير على الطرقات.