Friday 26 September 2025
مجتمع

الدكتور أنور الشرقاوي: قانون الشغل الجديد: الفصل 272 يهدّد المرضى المزمنين وأسرهم بالتشرّد 

الدكتور أنور الشرقاوي: قانون الشغل الجديد: الفصل 272 يهدّد المرضى المزمنين وأسرهم بالتشرّد  الدكتور أنور الشرقاوي، خبير في التواصل الطبي والإعلام  الصحي 
يجب أن يتوقف الفصل 272 عن كونه حكمًا بالإعدام الاجتماعي بالنسبة للمصابين بأمرض مزمنة، وأن يتحوّل إلى أداة لحماية المرضى. 
 
القانون الجديد للشغل، الذي قُدِّم على أنه خطوة إلى الأمام في الحماية الاجتماعية، قد يتحول إلى كابوس حقيقي لآلاف المغاربة المصابين بأمراض مزمنة وخطيرة.
 
الفصل 272، بصيغته الحالية، ينص على أن كل أجير يتوقف عن العمل لأكثر من 180 يومًا متواصلة بسبب المرض، يُعتبر مستقيلاً بحكم القانون.
 
وراء هذه الجملة الإدارية الجافة، تختبئ مأساة إنسانية بكل أبعادها: مرضى السرطان، الأمراض المناعية الذاتية الحادة، القصور الكلوي الخاضع للغسيل، أمراض القلب والشرايين الخطيرة، التصلب المتعدد أو التهاب المفاصل الروماتويدي… 

كل هؤلاء يصبحون مهددين بفقدان مصدر رزقهم في اللحظة نفسها التي يقاتلون فيها من أجل البقاء على قيد الحياة.
 
 
 
 عندما تصبح القوانين سيفًا على رقاب المرضى 
 
«هذا الفصل، إذا لم يُعدَّل، يحرم المرضى من دخلهم، ومن تغطيتهم الصحية، ويُسقط عائلات كاملة في الفقر»، يحذّر الدكتور منير الباشوشي، رئيس الجمعية المغربية للرعاية الداعمة في الأورام (MoASCC).
 
ويضيف أن آلاف المرضى يواجهون يوميًا، إضافة إلى ألم العلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة، رعبًا جديدًا: رعب فقدان العمل، وبالتالي فقدان القدرة على دفع ثمن الدواء أو جلسات العلاج.
 
النتائج كارثية: عجز عن دفع الإيجار، صعوبة إبقاء الأطفال في المدارس، انقطاع عن العلاج بسبب التكاليف. 

يصبح المريض ضحية اقتصادية فوق كونه ضحية للمرض.
 
أمراض الروماتيزم ليست استثناءً 
 
الأمر لا يقتصر على مرضى السرطان، فحسب البروفيسور عبد الله المغراوي، رئيس الجمعية المغربية للروماتولوجيا (أمراض المفاصل)
 
«التهاب المفاصل الروماتويدي غير المسيطر عليه، التهاب الفقار المقسط المتطور مع إصابة مفصل الورك، أو أمراض النسيج الضام المعقدة قد تفرض توقفًا عن العمل يمتد لأشهر طويلة، وأحيانًا يتجاوز ستة أشهر. اعتبار هؤلاء المرضى وكأنهم استقالوا، هو عقوبة مضاعفة لأولئك الذين يحملون بالفعل أثقل عبء مرضي».
 
هذه الأمراض المزمنة المؤلمة والمُعطّلة للحركة، تتطلب غالبًا عمليات جراحية ثقيلة، فترات استشفاء طويلة، وإعادة تأهيل شاقة. المرضى لم يختاروا مرضهم، ولا يجب أن يُعاقَبوا بسببه.
 
 قضية مجتمع قبل أن تكون قضية قانون 
 
الجمعية المغربية للرعاية الداعمة في الأورام، والجمعية المغربية للروماتولوجيا، وعدد من جمعيات المرضى وجّهوا نداءً عاجلاً إلى المسؤولين الحكوميين من أجل تعديل الفصل 272 وإقرار وضع قانوني خاص يحمي المرضى المزمنين.
 
 الهدف واضح
 
ضمان الاستقرار الاجتماعي واستمرار التغطية الصحية طيلة فترة العلاج، ومنع الإقصاء المهني، وصون كرامة العائلات واستقرارها.
 
حماية الأضعف ليست ترفًا 
 
«الصحة هي أثمن ما يملكه الإنسان، ويجب أن يحميها القانون بعدالة»، يشدد كل من الدكتور الباشوشي والدكتور المغراوي.
 
القضية هنا ليست مجرد تعديل في قانون الشغل، بل خيار مجتمعي واضح:
 
إمّا أن نختار حماية المرضى ودعم النسيج الاجتماعي ومنع تفقير الأسر، وإمّا أن نترك آلاف العائلات تواجه مصير الفقر والتشرّد.
 
إثارة هذا النقاش اليوم تعني رفض الصمت والتواطؤ، وتذكير الجميع أن وراء كل شهادة توقف عن العمل، إنسانًا، وعائلة، ومعركة حقيقية من أجل الحياة.