Saturday 20 September 2025
كتاب الرأي

محمود التكني: كفى من التشخيص، ساهموا في الحلول

محمود التكني: كفى من التشخيص، ساهموا في الحلول محمود التكني
خلال العقدين الأخيرين، عرف مستوى الوعي ارتفاعاً نسبياً حتى في أوساط الأطفال، وكلٌّ منّا أصبح يعرف اختلالات وطننا الحبيب. ولا يخفى على أحد مشاكل مدينته أو حيّه، من ضعف البنية التحتية وطرقات مهترئة وإضاءة عمومية متردية، وضعف أداء المجالس المنتخبة ومشاكل جمّة. بهذا لا نحتاج مَن يذكرنا بعللنا واختلالاتنا، ولا نحتاج إلى سلسلة كوميدية لتسليط الضوء على مشاكلنا بصورة تراجيدية. المطلوب منّا، أفراداً وجماعات، حكومةً ومعارضة، رجالاً ونساءً، أن نعطي ونساهم في الحلول لا أن نبقى في التشخيص.

أقول للجميع: أعطونا الحلول، أمّا التشخيص فلا يخفى على أحد. اختلالاتنا ليست معضلةً ليس لها حلول، بل تحتاج فقط إلى إرادة قوية من جميع المتدخلين، كلٌّ حسب اختصاصاته من مواطنين ومجالس منتخبة وسلطات عمومية.
إلّا أنّ ما وصل إليه قطاع الصحة يدق ناقوس الخطر، حيث أصبح المواطن يعيش بين مطرقة المستشفيات العمومية باختلالات بلغ فيها السيل الزبى، وسندان المصحات الخاصة التي تفرض على المواطن أداء مبلغ تكميلي للخدمات الطبية قد يكون في بعض الحالات أكبر مما تؤديه التعاضدية.

هذا ما دفع سكان سوس العالمة للخروج للتظاهر ضد تدهور خدمات المستشفى الإقليمي بمدينة أكادير، وحالته كحال بعض المستشفيات ببلادنا. ولكي أصطف في جهة الحلول لا التشخيص، هناك مجموعة من الإجراءات يجب أن تقوم بها الدولة من أجل حماية المواطن من جشع البائعين.

فهي غير مطالَبة بخفض الأسعار، ولكن يجب مراقبتها وتسقيفها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، قنينة مياه من حجم لتر ونصف ثمن بيعها خمسة دراهم، لكن جميع باعة المغرب اتفقوا على مبلغ ستة دراهم، بعضهم يعلّل زيادة درهم لكون القنينة باردة.

هذا في محلات البقالة، أمّا في المطاعم والمقاهي فثمنها يضاعف على الأقل. وعندما تلج مطعماً ويُقدَّم لك طلبك من دون كأس ماء، فأين هي المراقبة وحماية المستهلك؟

وعندما يصرّح لك بائع الخضر أنّه لا يربح سوى درهمين أو درهم ونصف في الكيلو، فهذا أكبر جشع. أمّا في مجال الخدمات، فيجب وضع حراس الأمن الخاص في مكانهم، حيث أصبحوا هم من يسيرون الإدارات، وخاصة المستشفيات.
ومن بين الطرائف أنّه في مستشفى إقليمي بمدينة مغربية، كان حارس أمن خاص مطرود من عمله يقوم بتصوير الأشعة للمرضى. وعندما تريد أن تدخل إدارة، فأنت تخضع للتحقيق من طرف شخص ليست له صفة ضبطية، إنّه حارس الأمن الخاص.

وبهذا فالحلول مطروحة، وأجرأتها لا تتطلب أي غلاف مادي، بل مراقبة وتسقيف الأثمان، لا تركها للسوق الحرة التي لم يفهم أصحابها ما لهم وما عليهم. وعندما نجد مرأباً للسيارات بمراكش الحمراء بثلاثين درهماً لثلاث ساعات، مع إجبارية ترك مفتاح السيارة والأداء مسبقاً، وبتذكرة لا تتضمن الثمن، فهذا جشع ليس أكبر منه سوى أهوال عذاب القبر.

وعندما تحتج على ثمن خدمة أو بضاعة، يكون جواب البائعين: "إلا ما عجبكش سير فحالك"، ظنّاً منهم أنّ محل البيع أو محل تقديم الخدمة متاعهم الخاص. في حين أنّ أي نشاط تجاري يتطلب الحصول على رخصة تقننه، وبالتالي فهو مفتوح لعموم المواطنين.

ومطلوب منّا كمواطنين عدم الإذعان لأسعار غير معقولة وإخبار الجهات المختصة لإجراء المتعيّن، لأنّ هذه الأخيرة لا تتدخل إلا بطلب صاحب الحق المدني.

وأخيراً، فإنّ خدمات الصحة العمومية بالمغرب أصبحت هزيلة وعليلة، وحراس الأمن الخاص من يقرّرون في شأن المرتفقين بسلوكيات لا تمتّ بالمسؤولية والإنسانية بصلة. بهذا يجب تأهيل المستشفيات العمومية وتغيير أسلوب عملها دون تحميل العنصر البشري المسؤولية نظراً للضغط المهول. وما يجب فعله هو كبح جشع المصحات الخاصة التي أصبحت تنهش جيوب المواطنين بعقود إذعان لا يمتلك المرء قوة تغيير بنودها.