Thursday 17 July 2025
منبر أنفاس

وصال مكوار: خارج التغطية.. الحسيمة ومفارقة التنمية الانتقائية

وصال مكوار: خارج التغطية.. الحسيمة ومفارقة التنمية الانتقائية وصال مكوار
في خطوة حكومية أثارت الكثير من التساؤلات، تم الإعلان عن مشروع ضخم لتجديد وتحديث النقل الحضري في 37 مدينة مغربية، من خلال تزويدها بحافلات حضرية عصرية، وبكلفة مالية إجمالية بلغت 1100 مليار سنتيم. المبادرة، رغم طابعها الإيجابي، فجّرت مفاجأة غير متوقعة: استبعاد مدينة الحسيمة كليا من لائحة المستفيدين، رغم أنها حاضرة إقليمية ذات موقع استراتيجي ومقومات عمرانية وسياحية واضحة.
 
ووفق البيانات الرسمية، فقد تم توزيع الميزانية على مدن مثل الدار البيضاء (218,1 مليار سنتيم)، مراكش (99,3 مليار)، طنجة (86,9 مليار)، كما استفادت مدن صغيرة نسبيًا مثل واد زم (5,6 مليار)، سيدي بنور (5,3 مليار)، وجرادة (2,2 مليار سنتيم). أما الحسيمة، فرغم حجمها ونشاطها وكثافتها السكانية، فقد غابت بشكل كامل عن هذا التوزيع.
 
وتُطرح هنا أسئلة مشروعة: على أي أساس تم اختيار المدن المستفيدة؟ ما هي المعايير؟ هل هو عدد السكان؟ النشاط الاقتصادي؟ البنية التحتية؟ لا وجود لأي توضيح رسمي.. ما يسجل فقط هو أن مدنا ذات معطيات أقل من الحسيمة حصلت على حصص معتبرة في حين حذفت الحسيمة من الحسابات، في مفارقة لا تخلو من دلالات.
 
المدينة تعاني أصلا من ضعف كبير في شبكة النقل الحضري، إلى درجة اعتماد بعض الجماعات على حافلات مدرسية متهالكة وغير مؤمنة لنقل المواطنين، في ظروف تفتقر لأدنى شروط السلامة أو التنظيم.
 
في هذا السياق..فإن عدم إدراجها ضمن المشروع الوطني لتحديث النقل لا يبدو فقط تجاهلا بل تغافلا عن احتياجات قائمة ومُلِحَّة.
 
التوزيع غير المتوازن للاستثمارات العمومية يعيد إلى الواجهة مسألة العدالة المجالية، وواقع الحال يبرز أن المفاهيم النظرية حول الجهوية المتقدمة والإنصاف الترابي لم تجد طريقها إلى هذا المشروع. الحسيمة، بموقعها الحيوي على المتوسط، وبدورها الاقتصادي والاجتماعي في جهة الريف، تستحق أن تكون ضمن أولويات مشاريع كهذه، ولا أن تُقصى دون مبرر.
 
إن الأمر لا يتعلق بمجرد حافلات حضرية، بل برؤية تنموية تُعيد رسم الخريطة وفق موازين غير معلنة.
وبهذا، يصبح من المشروع أن نطرح التساؤلين التاليين:
هل تم إقصاء الحسيمة عمدا من مشروع الحافلات الوطنية؟
أم أن التنمية لا تزال توزع وفق منطق المركز والهامش؟