Saturday 7 June 2025
خارج الحدود

الحنفي فرحوح: نتجه الآن نحو إعلان استقلال أحادي لبلاد القبائل عن النظام الاستعماري الجزائري

الحنفي فرحوح: نتجه الآن نحو إعلان استقلال أحادي لبلاد القبائل عن النظام الاستعماري الجزائري الحنفي فرحوح، الوزير الأول في الحكومة القبايلية بالمنفى
يؤكد الحنفي فرحوح، الوزير الأول في الحكومة القبايلية أن الأبواب المفتوحة للقبائل، التي ستنظم يومي14و15 يونيو 2025 في فرنسا وكندا، ليست مجرد مناسبة رمزية فقط، وإنما رفض للنظام الاستعماري الجزائري ورسائل تترجم الإرادة الشعبية إلى فعل سياسي حاسم.
هذه‭ ‬الأيام‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مناسبات‭ ‬رمزية،‭ ‬بل‭ ‬تمثل‭ ‬مرحلة‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬السياسي‭ ‬لبلاد‭ ‬القبائل‭ ‬نحو‭ ‬السيادة‭ ‬الكاملة‭. ‬لقد‭ ‬عبّر‭ ‬الشعب‭ ‬القبائلي،‭ ‬مرارا‭ ‬وبشكل‭ ‬سلمي،‭ ‬عن‭ ‬رفضه‭ ‬للنظام‭ ‬الاستعماري‭ ‬الجزائري‭. ‬وبصفتنا‭ ‬حكومة،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬واجبنا‭ ‬أن‭ ‬نُترجم‭ ‬هذه‭ ‬الإرادة‭ ‬الشعبية‭ ‬إلى‭ ‬فعل‭ ‬سياسي‭ ‬حاسم‭.‬
ننتظر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬اللقاءات‭ ‬أن‭ ‬تعزّز‭ ‬الوعي‭ ‬الجماعي،‭ ‬وأن‭ ‬تقوي‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬القبائلية‭ ‬في‭ ‬المنفى‭ ‬وبين‭ ‬المواطنين‭ ‬القبائليين‭ ‬في‭ ‬المهجر‭. ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بمجرد‭ ‬إعلان،‭ ‬بل‭ ‬بتثبيت‭ ‬مسار‭ ‬شرعي‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها،‭ ‬والتحضير‭ ‬المشترك‭ ‬للإعلان‭ ‬الرسمي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬قيد‭ ‬الإعداد‭. ‬لقد‭ ‬ولى‭ ‬زمن‭ ‬الغموض،‭ ‬ونتجه‭ ‬الآن‭ ‬نحو‭ ‬إعلان‭ ‬استقلال‭ ‬أحادي‭ ‬الجانب،‭ ‬مؤسّس،‭ ‬ومبرّر،‭ ‬ومُتحمّل‭ ‬بكامل‭ ‬المسؤولية‭.‬
‮ ‬
ممارسات‭ ‬ترهيب‭ ‬نظام‭ ‬العسكر‭ ‬مقابل‭ ‬وعي‭ ‬سياسي‭ ‬قبايلي‭ ‬متنام‮ ‬
بات‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬ممارسات‭ ‬الترهيب‭ ‬التي‭ ‬يمارسها‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬ضد‭ ‬الجالية‭ ‬القبائلية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬خفية‭. ‬ففي‭ ‬فرنسا‭ ‬وكندا،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬القنصليات‭ ‬الجزائرية‭ ‬مجرد‭ ‬بعثات‭ ‬دبلوماسية،‭ ‬بل‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬للتدخل‭ ‬والمراقبة‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬النّاشطين‭ ‬السياسيين‭. ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مجهولة‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬توقيف‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬المتورطة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬موظفون‭ ‬رسميون‭ ‬في‭ ‬السلك‭ ‬القنصلي،‭ ‬ووُضعوا‭ ‬تحت‭ ‬الحجز‭ ‬القضائي‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الموازي‭ ‬للرقابة‭ ‬والتهديد،‭ ‬الذي‭ ‬أنشأته‭ ‬الجزائر،‭ ‬أصبح‭ ‬اليوم‭ ‬مكشوفا‭ ‬ويواجه‭ ‬قوانين‭ ‬الدول‭ ‬المضيفة‭.‬

وموازاة‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬تواصل‭ ‬الوعي‭ ‬السياسي‭ ‬القبائلي‭ ‬تصاعده‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه،‭ ‬حيث‭ ‬حلت‭ ‬الثقة‭ ‬محل‭ ‬الخوف‭. ‬والدليل‭ ‬الأقوى‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الاستجابة‭ ‬الواسعة‭ ‬من‭ ‬الجالية‭ ‬لمسيرات‭ ‬20‭ ‬أبريل‭ ‬2025،‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬«حركة‭ ‬الماك»‭ ‬و«حكومة‭ ‬أنفاد»،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬القبائليون‭ ‬يختبئون،‭ ‬بل‭ ‬يعبّرون‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وينظمون‭ ‬صفوفهم‭ ‬لتحرير‭ ‬وطنهم‭ ‬من‭ ‬نير‭ ‬الاستعمار‭ ‬الجزائري‭.‬
‮ ‬
نضالنا‭ ‬سلمي‭ ‬شرعي‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬الخفاء‮ ‬
هذه‭ ‬الأيام‭ ‬المفتوحة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعميق‭ ‬الحوار‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬القبائلية‭ ‬ومواطنينا،‭ ‬لكنها‭ ‬تتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬لتُهيّئ‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬المطالبة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مشروع‭ ‬سيادي،‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬مسؤول‭ ‬وشامل‭. ‬إنه‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬التاريخ،‭ ‬وقد‭ ‬بات‭ ‬أغلب‭ ‬القبائليين‭ ‬يدركون‭ ‬ذلك‭. ‬نضالنا‭ ‬سلمي‭ ‬شرعي‭ ‬وعلني‭. ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬ولا‭ ‬عبر‭ ‬الهروب‭. ‬فالقبائليون‭ ‬ليسوا‭ ‬رعايا‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬حماية،‭ ‬بل‭ ‬مواطنون‭ ‬يجب‭ ‬إشراكهم‭ ‬في‭ ‬تحمّل‭ ‬المسؤولية‭. ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الوعي،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نبني‭ ‬معًا‭ ‬دولة‭ ‬القبائل‭ ‬المستقبلية،‭ ‬في‭ ‬وضوح‭ ‬تام‭ ‬واحترام‭ ‬لكرامتنا‭ ‬الوطنية‭.‬
أما‭ ‬فيما‭ ‬يخصّ‭ ‬المضايقات،‭ ‬فإننا‭ ‬نثق‭ ‬في‭ ‬يقظة‭ ‬السلطات‭ ‬الفرنسية‭ ‬والكندية،‭ ‬لكننا‭ ‬نعتمد‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬تعبئة‭ ‬شعبنا‭ ‬وتضامنه،‭ ‬ونضجه‭ ‬السياسي‭.‬
‮ ‬
لهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬صارت‭ ‬الجزائر‭ ‬ضعيفة‭ ‬وفاقدة‭ ‬للمصداقية‭ ‬دوليا‮ ‬
لم‭ ‬تكن‭ ‬الظروف‭ ‬ناضجة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬اليوم‭ ‬للانتقال‭ ‬من‭ ‬مطلب‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭. ‬الجزائر‭ ‬أصبحت‭ ‬ضعيفة،‭ ‬وفاقدة‭ ‬للمصداقية‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية،‭ ‬وعاجزة‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬حل‭ ‬ديمقراطي‭ ‬وسياسي‭ ‬للقضية‭ ‬القبائلية‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬فإن‭ ‬حق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيرها‭ ‬معترف‭ ‬به‭. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نخترع‭ ‬شيئا،‭ ‬إنما‭ ‬نمارس‭ ‬حقا‭ ‬قائما‭.‬
من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية،‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2024‭ ‬رأي‭ ‬قانوني‭ ‬عن‭ ‬مكتب‮ ‬Brick Court Chambers‮ ‬البريطاني،‭ ‬أحد‭ ‬أعرق‭ ‬مكاتب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬يؤكّد‭ ‬أن‭ ‬للشعب‭ ‬القبائلي‭ ‬الحق‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬أسوة‭ ‬بكل‭ ‬الشعوب‭ ‬المستعمَرة‭ ‬أو‭ ‬المنكَر‭ ‬وجودها‭ ‬الوطني‭. ‬وهذه‭ ‬خطوة‭ ‬اعتراف‭ ‬قانوني‭ ‬كبيرة‭ ‬تُعزّز‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬شرعية‭ ‬تحركنا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭.‬
‮ ‬
تهميش‭ ‬ممنهج‭ ‬وقمع‭ ‬وتقتيل‭ ‬للقبايليين‮ ‬
وفوق‭ ‬ذلك،‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬تعاني‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬من‭ ‬تهميش‭ ‬ممنهج‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة‭ ‬اللغوية‭ ‬والثقافية،‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭. ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬آلة‭ ‬القمع‭ ‬قط‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬قُتّل‭ ‬130‭ ‬شابًا‭ ‬قبائليًا‭ ‬برصاص‭ ‬متفجر‭ ‬أُطلق‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدرك‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬شباب‭ ‬مسالمين‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬تمّ‭ ‬حرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬قبائلي‭ ‬أحياء‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬مروّعة،‭ ‬تحت‭ ‬مسؤولية‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الاستعماري‭ ‬الجزائري‭.‬
أمام‭ ‬هذا‭ ‬القمع‭ ‬المستمر،‭ ‬عبّر‭ ‬الشعب‭ ‬القبائلي‭ ‬عن‭ ‬قطيعة‭ ‬تاريخية‭ ‬واضحة‭ ‬ومُعلَنة‭. ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬الجزائري‭. ‬وقد‭ ‬تجلّى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الرفض‭ ‬الجماهيري‭ ‬المتكرر‭ ‬لكافة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزائرية:‭ ‬الرئاسية،‭ ‬التشريعية‭ ‬والمحلية،‭ ‬التي‭ ‬يقاطعها‭ ‬بالكامل‭. ‬وهذا‭ ‬الامتناع‭ ‬لا‭ ‬يُعدّ‭ ‬مجرد‭ ‬احتجاج،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬طلاق‭ ‬سياسي‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيه‭.‬
 
خيار‭ ‬الاستقلال‭ ‬ضرورة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬كل‭ ‬القبايليين‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج
لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬خيار‭ ‬الاستقلال‭ ‬ليس‭ ‬قرارا‭ ‬ظرفيا‭ ‬ولا‭ ‬وهما‭ ‬هوياتيا،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬تاريخية،‭ ‬ومطلب‭ ‬عدالة،‭ ‬وإرادة‭ ‬جماعية‭.‬
وأخيرًا،‭ ‬فإن‭ ‬شعب‭ ‬القبائل‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭. ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نفصل‭ ‬بين‭ ‬الجالية‭ ‬والداخل‭. ‬فالحكومة‭ ‬القبائلية‭ ‬في‭ ‬المنفى‭ ‬تُعدّ‭ ‬امتدادا‭ ‬سياسيا‭ ‬شرعيا‭ ‬لهذه‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬دولة‭. ‬ما‭ ‬نقوم‭ ‬به‭ ‬هنا،‭ ‬إنما‭ ‬نفعله‭ ‬من‭ ‬أجلهم‭ ‬ومعهم،‭ ‬وقريبا‭ ‬بينهم‭.‬