
في إطار مهامه الرامية إلى التسويق السياحي المجالي، نظم مؤخرا المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات يوما إخباريا وتفكيريا استراتيجيا خصص لتحديد روافع تعزيز وتقوية الجاذبية السياحية للإقليم.
وانعقد هذا الحدث الهام تحت شعار "لنبني معا رؤية مشتركة لورزازات: نحو إبراز وجهة جذابة، تنافسية ومستدامة"، حيث جمع طيفا واسعا من الفاعلين الرئيسيين – مسؤولين مؤسساتيين، ومشغلين اقتصاديين، ومستثمرين، وخبراء قطاعيين – الذين توافدوا لتبادل خبراتهم خدمة لطموح مشترك.
من خلال هذا اللقاء، سعى المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات إلى إطلاق نقاش جماعي حول التحديات الراهنة للإقليم، في أفق إعادة التموقع الاستراتيجي على الخريطة السياحية الوطنية والدولية. وقد شكلت هذه المناسبة محطة حاسمة للحوار والتحليل والاستشراف لتسليط الضوء على التحديات الهيكلية وآفاق النمو المستدام للوجهة.
وفي كلمة له بهذه المناسبة، أكد عبد الله جاحظ ، عامل إقليم ورزازات، على أهمية الثروات التراثية والمناظر الاستثنائية والفرص الاجتماعية والاقتصائية التي تزخر بها المنطقة. وأشار إلى أن هذه المزايا الطبيعية والثقافية يجب أن تُعزز بالضرورة من خلال مقاربة ترابية متكاملة، تقوم على شراكات قوية ودائمة.
تماشيا مع هذه الرؤية، شدد العامل على ضرورة تقييم دقيق للوضع الحالي للقطاع، مع تحديد واضح للتحديات التي يجب تجاوزها، وكذلك الموارد التي يجب تعبئتها. كما دعا إلى صياغة توصيات ملموسة وعملية لصالح تنمية سياحية عالية القيمة المضافة، تقوم على الابتكار والاستدامة والإدماج.
كما أبرز عبد الله جاحظ، ضرورة الانخراط الكامل في روح التوجيهات الملكية، التي تدعو إلى حكامة منفتحة وتشاركية في صياغة وتنفيذ السياسات العمومية. وفي هذا الصدد، وجه دعوة واضحة إلى تعبئة جميع الأطراف المعنية – المؤسسات، والجماعات الترابية، والمستثنرين الخواص، والمجتمع المدني – لبناء نموذج سياحي مرن، شامل وهيكلي.
واختتم كلمته بالقول: "إننا مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تجميع جهودنا وكفاءاتنا لتحويل ورزازات إلى قطب سياحي متكامل، يحقق النمو والإشعاع الترابي"، مؤكدا على ضرورة ترجمة هذا الطموح إلى دينامية جماعية تليق بتطلعات وإمكانيات الإقليم.
من جانبها، أكدت رئيسة المجلس الإقليمي لورزازات، إيمان صابر، أن إقليم ورزازات يستعد لاجتياز مرحلة حاسمة في تنميته السياحية، مع إعادة افتتاح قريبة لعدة مؤسسات فندقية قيد التجديد. وهو إشارة قوية ، تعكس التعبئة المشتركة للفاعلين العموميين والخواص، والسياسة الطموحة التي تقودها وزارة السياحة.
وأبرزت صابر الأثر المحفز للبرامج الوطنية مثل "كاب هوسبيتاليتي" و"جو سياحة"، التي تدعم الاستثمار السياحي والفندقي على وجه الخصوص، إد تعكس هذه الآليات الهيكلية إرادة مشتركة لإحياء العرض السياحي للإقليم بشكل مستدام، معتمدة على الجودة والابتكار والتنسيق المؤسساتي.
وفي هذا الإطار، يشكل مخطط "رايزينغ ورزازات"، الذي أطلقه المكتب الوطني المغربي للسياحة (ONMT) حديثا، عنصرا أساسيا، حيث صمم خصيصا للمنطقة ، بهدف إعادة وضع ورزازات كوجهة فريدة، تقع عند ملتقى الصحراء والتراث السينمائي والانغماس الثقافي.
وتدمج هذه الاستراتيجية تعزيز الهوية السينمائية للمدينة، من خلال إنتاج محتويات سمعية بصرية بالمملكة المتحدة، ورعاية فيلم بريطاني في مهرجانات كبرى، وشراكات إعلامية مع قنوات أوروبية مثل RAI 3 أو Sky TV. والهدف هو تسليط الضوء على الثراء الثقافي والمطبخ الجنوبي المغربي.
كما يتضمن المخطط استضافة أحداث دولية ذات جاذبية عالية، مثل قمة "ديزرت وومنز"، ومؤتمرات الكونفدرالية الإسبانية لوكالات السفر (CEAV) و(IDEMICE)، بالإضافة إلى فعالية غامرة تحمل علامة "Frameless". وهي مبادرات مصممة لتعزيز إشعاع الوجهة على المستوى العالمي.
بالتوازي مع ذلك، أعد المجلس الإقليمي للسياحة بورزازات خطة عمل محلية، متجذرة في واقع الإقليم. وهذا البرنامج، الذي تم التفكير فيه بشكل تشاركي، يتماشى مع تطلعات مهنيي القطاع ويركز على تعزيز الجاذبية من خلال إجراءات ملموسة وقابلة للقياس.
ولن تكتمل إعادة إطلاق الوجهة دون تحسين كبير للربط الجوي . وفي هدا الصدد يعد إعلان افتتاح خط مباشر بين باريس وورزازات ابتداء من أكتوبر خطوة كبيرة. لكن لتحقيق طموحات المنطقة بالكامل، هناك حاجة إلى شبكة أكثر كثافة، تربط المدينة بعدة عواصم أوروبية بالإضافة إلى المحاور الوطنية الكبرى.
أما الربط البري، فيبقى تحديا رئيسيا. وقد ذكرت صابر بالحاجة الملحة لإعادة إطلاق مشروع نفق تيشكا، الذي أصبح ضرورة استراتيجية. فالعزلة التي تخلقها الطريق الحالية، التي غالبا ما تكون غير سالكة، تعيق تدفقات السياح وتحد من الآفاق الاقتصادية. ومن الضروري وجود بنيات تحتية حديثة لدعم سياحة مستدامة.
كما أكدت الرئيسة على ضرورة تعبئة المستثمرين، مشيرة إلى أنه إذا كانت الفنادق جاهزة والمهنيون ملتزمون والاستراتيجيات موضوعة، فإن تحقيق هذه الدينامية يتطلب الآن دعما ماليا قويا. وقد وجهت نداء واضحا إلى الدولة والمصارف والمؤسسات: الرهان على ورزازات هو رهان على التشغيل والاستقرار.
وأخيرا، أشادت صابر بالدور الاستراتيجي للمكتب الوطني المغربي للسياحة، وأكدت من جديد عزم المجلس الإقليمي للسياحة على مواءمة جهوده مع الجهود الوطنية من خلال إجراءات ترويجية مستهدفة، وزيارات صحفية، وتكوينات، وورشات عمل. فالتكامل بين المخططات المحلية والوطنية هو وحده الكفيل بتمكين ورزازات من استعادة إمكانياتها والتأكد كوجهة رائدة لمغرب الغد.