"فاش كتسكن فإقامة سكنية، كتظن باللي كلشي منظم: السانديك خدام، الجيران متفاهمين، والنظام الداخلي محترم. ولكن الواقع فعدد كبير من الإقامات فالمغرب كيحكي قصة أخرى: ناس ما كيبغيوش يخلصو، سنديك ما لاقيش مع من، كراء عشوائي فالصيف خاصة في الإقامات الشاطئية والجبلية، وجمع عام كيتحول لمعركة كلامية. رغم أن القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة تعاود وتصلح فـ2024، المشاكل ما بغاوش يسالاو. شنو وقع؟ واش القانون ما كافيش؟ ولا ثقافة العيش المشترك مازال ما دخلات لعقول الناس؟".
بهذه التسائلات ختم كلامه مصطفى، المسؤول في إحدى شركات السانديك التي تشتغل في تدبير الإقامات السكنية والشاطئية والسياحية في عدد من المدن المغربية ملخصا الأزمة التي يعيشها نظام الملكية المشتركة ببلادنا.
فرغم الأهمية الكبرى التي يكتسيها نظام الملكية المشتركة في تنظيم الحياة داخل الإقامات السكنية بالمغرب، إلا أن الواقع يكشف عن اختلالات مزمنة تُعرقل نجاعة هذا النظام وتُهدد جودة العيش المشترك، ما يطرح أسئلة حارقة حول فعالية الإطار القانوني المنظم له، ومدى ملاءمته للتحولات المجتمعية والعمرانية المتسارعة.
القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، في صيغته المعدّلة بتاريخ 22 غشت 2024، شكّل محاولة جديدة لإصلاح ما أفسدته الممارسة. وهو القانون الوحيد الذي خضع لتعديل في ظرف زمني قصير، "نظرًا لما عرفته صيغته الأولى من صعوبات مسطرية أفرغت عددا من الدعاوى من مضمونها، حيث أن أغلب النزاعات كانت تُرفض شكليًا من طرف المحاكم"، بحسب ما أكده عبد الله نوعيم، محامي بهيئة الدار البيضاء، في تصريحه لـ"أنفاس بريس".
ويُضيف نوعيم أن "أهم ما جاء به التعديل الجديد هو تفعيل مسطرة الأمر بالأداء المنصوص عليها في المادة 25، ما يسمح نظريًا بتسريع استخلاص المستحقات من الملاك المتخلفين عن أداء واجباتهم. غير أن اشتراط تقديم شهادة تثبت توصل المالك بالإشعار أعاد الجدل إلى نقطة البداية، خصوصًا في الحالات التي يقطن فيها مكترٍ وليس المالك نفسه". الفقرة الأخيرة من نفس المادة، يقول المحامي، "تُحيل على العمل القضائي لاجتهاد في هذه الإشكالية، وكان من الأولى أن يُحسم النص لصالح توسيع دائرة المسؤولية لتشمل 'المستغل'، سواء كان مالكًا أو مكتريًا".
مشددا على ضرورة خلق آلية مشتركة بين السنديك وإدارة الضرائب تسمح بضرورة الادلاء بوصل أداء الاشتراكات السنوية عند أداء الضريبة السنوية مع فرض غرامات حالة التأخير.
وإلى جانب التعقيدات القانونية، تعاني الملكية المشتركة من مجموعة من الاختلالات البنيوية، تبدأ من غياب سنديك فعّال، ولا تنتهي عند نزاعات الجيران أو التسيير العشوائي.
هشام، سنديك سابق بإحدى الإقامات الشاطئية، عبّر في تصريح لـ"أنفاس بريس" عن الإحباط الذي كان يلازمه طيلة سبع سنوات من المسؤولية، قائلًا: "أكبر مشكل كان يواجهنا هو تهرب عدد كبير من الملاك من أداء واجبات السنديك. المساطر القضائية بطيئة، وحتى عندما نلجأ إليها، نصطدم بثغرات تجعل التنفيذ شبه مستحيل".
ويضيف هشام أن "الكراء الصيفي هو الآخر يخلق متاعب كثيرة، فالمكترون الجدد لا يعيرون اهتمامًا للنظام الداخلي، ولا يحترمون المرافق المشتركة، مما يولد شكايات يومية ويُفقد الإقامة طابعها السكني الهادئ".
ويستطرد محاورنا قائلا: في ما يخص كراء الشقق داخل الإقامات، صحيح القانون لا يمنعه، لكنه ينظم العلاقة بشكل غير مباشر. إذ يؤكد على حرية المالك في الكراء، شريطة ألا يُخلّ بحقوق باقي السكان، كما يُحمل المالك مسؤولية تصرفات المكترين، مع إمكانية اتحاد الملاك تضمين النظام الداخلي لبنود تُنظم الكراء السياحي أو التجاري. ومع ذلك، تبقى هذه الضوابط حبرًا على ورق إذا لم تتوفر آلية فعالة للتنفيذ.
وحول الجدل الذي تثيره عملية كراء الشقق ، يرى عبد الله نوعيم ، المحامي بهيئة الدار البيضاء ، أن القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، كما تم تغييره وتتميمه بالقانون 106.12، ينص على أن للمالك الحق في التصرف في ملكه، بما في ذلك الكراء، لكن دون أن يترتب عن ذلك أي ضرر للمصلحة المشتركة أو إخلال بالنظام العام داخل الإقامة.
ويتابع محاورنا على أن المالك يبقى مسؤولًا عن تصرفات المكترين، خاصة في حال تسببهم في إزعاج أو تخريب للمرافق المشتركة. كما يتيح القانون لاتحاد الملاك اعتماد نظام داخلي يضبط شروط الكراء، وقد يشمل هذا النظام حظر الكراء القصير الأمد (المعروف بكراء Airbnb) أو اشتراط إبلاغ السنديك بهوية المكترين، وغيرها من الإجراءات التنظيمية.
في المقابل، يرى هشام سانديك سابق، أن غياب نص قانوني صريح يمنع الكراء، يمنح المالك هامشًا واسعًا من الحرية، وهو ما يُثير في بعض الأحيان خلافات داخلية وتوترات بين الجيران.
ويُوصي خبراء في التسيير العقاري بضرورة التوازن بين حق المالك في استغلال ممتلكاته، وحق السكان في بيئة آمنة وهادئة، مؤكدين على أهمية تفعيل الأنظمة الداخلية واتحادات الملاك بشكل جدي لتفادي الفراغ التنظيمي الذي يُعكر صفو الحياة الجماعية.
وبالعودة إلى بنية القانون، يسجل عدد من المتتبعين ثغرات أخرى، منها: إخضاع العقارات غير المحفظة لنظام الملكية المشتركة، ما يخلق إشكالات في إثبات الصفة، توزيع غير عادل للتكاليف المشتركة، لا سيما في العمارات ذات المحلات التجارية أو المرافق السياحية، غياب نظام نموذجي يُحتذى به في تنظيم العلاقات الداخلية، ضعف الرقابة على المنعشين العقاريين الذين يسلمون عمارات بدون نظام داخلي أو دون جمع عام تأسيسي.
وفي ظل كل هذه التحديات، يُجمع المتخصصون والمهنيون على أن الإصلاح القانوني، رغم ضرورته، لن يُجدي كثيرًا إذا لم يُواكب بسياسات عمومية داعمة، تشمل نشر ثقافة العيش المشترك، تقوية أدوار السلطات المحلية، وتكوين مسيرين محترفين قادرين على إدارة هذه الإقامات المعقدة.
بهذه التسائلات ختم كلامه مصطفى، المسؤول في إحدى شركات السانديك التي تشتغل في تدبير الإقامات السكنية والشاطئية والسياحية في عدد من المدن المغربية ملخصا الأزمة التي يعيشها نظام الملكية المشتركة ببلادنا.
فرغم الأهمية الكبرى التي يكتسيها نظام الملكية المشتركة في تنظيم الحياة داخل الإقامات السكنية بالمغرب، إلا أن الواقع يكشف عن اختلالات مزمنة تُعرقل نجاعة هذا النظام وتُهدد جودة العيش المشترك، ما يطرح أسئلة حارقة حول فعالية الإطار القانوني المنظم له، ومدى ملاءمته للتحولات المجتمعية والعمرانية المتسارعة.
القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، في صيغته المعدّلة بتاريخ 22 غشت 2024، شكّل محاولة جديدة لإصلاح ما أفسدته الممارسة. وهو القانون الوحيد الذي خضع لتعديل في ظرف زمني قصير، "نظرًا لما عرفته صيغته الأولى من صعوبات مسطرية أفرغت عددا من الدعاوى من مضمونها، حيث أن أغلب النزاعات كانت تُرفض شكليًا من طرف المحاكم"، بحسب ما أكده عبد الله نوعيم، محامي بهيئة الدار البيضاء، في تصريحه لـ"أنفاس بريس".
ويُضيف نوعيم أن "أهم ما جاء به التعديل الجديد هو تفعيل مسطرة الأمر بالأداء المنصوص عليها في المادة 25، ما يسمح نظريًا بتسريع استخلاص المستحقات من الملاك المتخلفين عن أداء واجباتهم. غير أن اشتراط تقديم شهادة تثبت توصل المالك بالإشعار أعاد الجدل إلى نقطة البداية، خصوصًا في الحالات التي يقطن فيها مكترٍ وليس المالك نفسه". الفقرة الأخيرة من نفس المادة، يقول المحامي، "تُحيل على العمل القضائي لاجتهاد في هذه الإشكالية، وكان من الأولى أن يُحسم النص لصالح توسيع دائرة المسؤولية لتشمل 'المستغل'، سواء كان مالكًا أو مكتريًا".
مشددا على ضرورة خلق آلية مشتركة بين السنديك وإدارة الضرائب تسمح بضرورة الادلاء بوصل أداء الاشتراكات السنوية عند أداء الضريبة السنوية مع فرض غرامات حالة التأخير.
وإلى جانب التعقيدات القانونية، تعاني الملكية المشتركة من مجموعة من الاختلالات البنيوية، تبدأ من غياب سنديك فعّال، ولا تنتهي عند نزاعات الجيران أو التسيير العشوائي.
هشام، سنديك سابق بإحدى الإقامات الشاطئية، عبّر في تصريح لـ"أنفاس بريس" عن الإحباط الذي كان يلازمه طيلة سبع سنوات من المسؤولية، قائلًا: "أكبر مشكل كان يواجهنا هو تهرب عدد كبير من الملاك من أداء واجبات السنديك. المساطر القضائية بطيئة، وحتى عندما نلجأ إليها، نصطدم بثغرات تجعل التنفيذ شبه مستحيل".
ويضيف هشام أن "الكراء الصيفي هو الآخر يخلق متاعب كثيرة، فالمكترون الجدد لا يعيرون اهتمامًا للنظام الداخلي، ولا يحترمون المرافق المشتركة، مما يولد شكايات يومية ويُفقد الإقامة طابعها السكني الهادئ".
ويستطرد محاورنا قائلا: في ما يخص كراء الشقق داخل الإقامات، صحيح القانون لا يمنعه، لكنه ينظم العلاقة بشكل غير مباشر. إذ يؤكد على حرية المالك في الكراء، شريطة ألا يُخلّ بحقوق باقي السكان، كما يُحمل المالك مسؤولية تصرفات المكترين، مع إمكانية اتحاد الملاك تضمين النظام الداخلي لبنود تُنظم الكراء السياحي أو التجاري. ومع ذلك، تبقى هذه الضوابط حبرًا على ورق إذا لم تتوفر آلية فعالة للتنفيذ.
وحول الجدل الذي تثيره عملية كراء الشقق ، يرى عبد الله نوعيم ، المحامي بهيئة الدار البيضاء ، أن القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، كما تم تغييره وتتميمه بالقانون 106.12، ينص على أن للمالك الحق في التصرف في ملكه، بما في ذلك الكراء، لكن دون أن يترتب عن ذلك أي ضرر للمصلحة المشتركة أو إخلال بالنظام العام داخل الإقامة.
ويتابع محاورنا على أن المالك يبقى مسؤولًا عن تصرفات المكترين، خاصة في حال تسببهم في إزعاج أو تخريب للمرافق المشتركة. كما يتيح القانون لاتحاد الملاك اعتماد نظام داخلي يضبط شروط الكراء، وقد يشمل هذا النظام حظر الكراء القصير الأمد (المعروف بكراء Airbnb) أو اشتراط إبلاغ السنديك بهوية المكترين، وغيرها من الإجراءات التنظيمية.
في المقابل، يرى هشام سانديك سابق، أن غياب نص قانوني صريح يمنع الكراء، يمنح المالك هامشًا واسعًا من الحرية، وهو ما يُثير في بعض الأحيان خلافات داخلية وتوترات بين الجيران.
ويُوصي خبراء في التسيير العقاري بضرورة التوازن بين حق المالك في استغلال ممتلكاته، وحق السكان في بيئة آمنة وهادئة، مؤكدين على أهمية تفعيل الأنظمة الداخلية واتحادات الملاك بشكل جدي لتفادي الفراغ التنظيمي الذي يُعكر صفو الحياة الجماعية.
وبالعودة إلى بنية القانون، يسجل عدد من المتتبعين ثغرات أخرى، منها: إخضاع العقارات غير المحفظة لنظام الملكية المشتركة، ما يخلق إشكالات في إثبات الصفة، توزيع غير عادل للتكاليف المشتركة، لا سيما في العمارات ذات المحلات التجارية أو المرافق السياحية، غياب نظام نموذجي يُحتذى به في تنظيم العلاقات الداخلية، ضعف الرقابة على المنعشين العقاريين الذين يسلمون عمارات بدون نظام داخلي أو دون جمع عام تأسيسي.
وفي ظل كل هذه التحديات، يُجمع المتخصصون والمهنيون على أن الإصلاح القانوني، رغم ضرورته، لن يُجدي كثيرًا إذا لم يُواكب بسياسات عمومية داعمة، تشمل نشر ثقافة العيش المشترك، تقوية أدوار السلطات المحلية، وتكوين مسيرين محترفين قادرين على إدارة هذه الإقامات المعقدة.