رفعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في كلمتها بمناسبة عيد العمال العالمي سقف مطالبها ونبرتها، متهمة الدولة بالتمادي في تبني اختيارات لا ديمقراطية تُكرس الفساد وتستهدف الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة المغربية. وتحت شعار: "لا شرعية لقوانين ومخططات تكرس الفساد وتستهدف الحريات والمكتسبات وتستغل الأزمات"، وجهت الكونفدرالية انتقادات لاذعة للسياسات الحكومية، مجددة تموقعها كقوة احتجاجية منخرطة في صراع متعدد الواجهات: اجتماعي، سياسي، وحقوقي.
في كلمتها، اعتبرت الكونفدرالية أن المغرب يعيش حالة "انحباس سياسي" واحتقان اجتماعي متزايد، نتيجة استفراد السلطة التنفيذية بالقرار، وتغوّل لوبيات الريع، وتراجع الحوار الاجتماعي، وتفشي الفقر والبطالة وغلاء المعيشة. وأكدت أن السياسات النيو-ليبرالية المفروضة "تُجهز على مكتسبات الشغيلة، وتضرب العدالة الاجتماعية في الصميم".
وشددت على أن مدخل الإنقاذ يبدأ ببناء تعاقد سياسي جديد، قائم على "ديمقراطية حقيقية، فصل فعلي للسلط، وربط المسؤولية بالمحاسبة"، داعية إلى اعتبار الحوار الاجتماعي مؤسسة دائمة لا رهينة للحسابات الظرفية أو المزاج السياسي.
خصصت الكلمة جزءًا وافرًا من خطابها لانتقاد تمرير القانون التنظيمي للإضراب، واصفة إياه بـ"التكبيلي" و"اللاقانوني" لكونه "فاقدًا للشرعية التفاوضية والديمقراطية". وطالبت بإعادته لطاولة الحوار، مع المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87 وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي.
كما نددت بما وصفته بـ"حملة ممنهجة لتشويه العمل النقابي الجاد"، معتبرة أن رفضها لاتفاق 2019 وفرضها لتحسين شروط اتفاق 2022 يعكس استقلاليتها ومبدئيتها.
وفي موقف شديد اللهجة، وصف المكتب التنفيذي للكونفدرالية، ما يجري في غزة بـ"الإبادة الجماعية" و"المحرقة"، متهمة الصهيونية والولايات المتحدة بارتكاب جرائم حرب وسط صمت دولي مخزٍ وتواطؤ عربي مهين. واعتبرت القضية الفلسطينية "قضية تحرر إنساني شامل"، رافضة كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، وكل أشكال الدعم المقدم لها سياسياً أو لوجيستيكياً.
لم تغفل الكلمة التحولات الجيوسياسية العالمية، محذرة من تصاعد اليمين المتطرف، وتراجع القانون الدولي، وتغذية النزعات العنصرية والاستغلال الكولونيالي الجديد. واعتبرت أن "شعوب الجنوب، وفي قلبها الطبقة العاملة، تدفع ثمناً باهظاً لهذه التحولات من كرامتها وحقوقها".
أكدت الكونفدرالية أن الدفاع عن الوحدة الترابية "قضية سيادية جامعة"، لا تقبل المساومة. لكنها ربطت هذا الدفاع بضرورة تعزيز الجبهة الداخلية، عبر "بناء دولة الحق والقانون، وضمان العدالة الاجتماعية"، وإشراك المواطنات والمواطنين في القرار السياسي، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة.
استعرضت الكونفدرالية حصيلة معاركها النضالية الأخيرة، من بينها الإضراب العام في الوظيفة العمومية، والمسيرات الوطنية، مؤكدة أنها انتزعت مكتسبات مهمة من بينها:
الزيادة العامة في الأجور
مراجعة الضريبة على الدخل
رفع الحد الأدنى للأجور SMIG وSMAG
تجميد مشروع قانون الإضراب إلى حين التفاوض حوله
وفي الجولة الأخيرة من الحوار الاجتماعي (أبريل 2025)، تقدمت الكونفدرالية بلائحة مطالب تشمل:
تفعيل السلم المتحرك للأجور
توحيد الحد الأدنى للأجر
حماية الحريات النقابية
احترام الحد الأدنى للأجور في الصفقات العمومية
رفض أي مساس بأنظمة التقاعد أو مدونة الشغل
إعادة تشغيل مصفاة سامير لضمان الأمن الطاقي
سجلت الكونفدرالية التزامات حكومية تخص:
مراجعة الأنظمة الأساسية لموظفي الإدارات
حل النزاعات الاجتماعية
تفعيل لجان المصالحة الجهوية
عقد اجتماع خاص بقانون دمج CNOPS وCNSS
مباشرة ورش مراجعة قوانين الانتخابات المهنية
وأكدت أن أي إخلال بهذه الالتزامات "سيُواجه بالمزيد من النضال والاحتجاج".
ودعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في ختام كلمتها إلى "المزيد من التعبئة ورص الصفوف"، مؤكدة أن نضالها سيظل قائماً على الكفاحية، والوفاء لقضايا الشغيلة، والدفاع عن وطن ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية.