اختتم مهرجان بكين السينمائي الدولي فعالياته في 26 إبريل بنجاح كبير. لم يقتصر المهرجان هذا العام على عرض تنوع الأفلام العالمية، بل أبرز أيضا النمو القوي لسوق السينما الصينية وتأثيره الواضح في تنشيط الاقتصاد المحلي. خلال المهرجان، خصصت حكومة بكين خمسة ملايين يوان كدعم مالي للمشاهدين خلال المهرجان، مما أتاح لعشاق السينما الاستفادة من خصومات في المراكز التجارية القريبة عبر إبراز تذاكرهم، مما دفع نموذج "السينما + الاستهلاك" كنموذج اقتصادي تفاعلي مبتكر. وتشير البيانات إلى أن إيرادات شباك التذاكر في بكين ارتفعت بنسبة 15٪ مقارنة بالعام الماضي، بينما سجل قطاعا المطاعم والفنادق نموا بأكثر من10٪.
ويُذكر أن سوق السينما الصينية يواصل ازدهاره في السنوات الأخيرة. ففي عام 2024، تجاوزت إيرادات شباك التذاكر 70 مليار يوان، مع استحواذ الأفلام المحلية على قرابة 70٪ من إجمالي الحصة السوقية. وساهم الارتفاع الملحوظ في جودة الأفلام المحلية في دفع عجلة التنوع والنمو عبر مختلف مجالات سلسلة صناعة السينما.
صعود السياحة السينمائية ودعم الاقتصاد المحلي
مع توسع سوق السينما، أصبحت السياحة المرتبطة بالأفلام نقطة نمو جديدة. فقد شهدت مقاطعة سيتشوان طفرة في السياحة بعد عرض فيلم "ناتشا -الجزء الثاني"، حيث تحولت مواقع التصوير إلى وجهات مفضلة لمحبي السينما. وينطبق الأمر ذاته على مواقع أفلام أخرى مثل "معركة بحيرة تشانغجين" و"الأرض المتجولة" و"عالمي الكبير"، مما عزز من ارتباط المدن والمعالم السياحية بالثقافة السينمائية وأضفى عليها حيوية جديدة.
مع اقتراب عطلة عيد العمال، من المتوقع أن يختار عدد متزايد من السياح دمج زياراتهم مع مواقع تصوير الأفلام الشهيرة، للاستمتاع بتجارب تفاعلية مرتبطة بحبكات الأفلام وشخصياتها ومشاهدها المعاد تجسيدها.
ويُعد التعاون العابر بين قطاعي السينما والسياحة اتجاها استهلاكيا ناشئا، يساهم بقوة في دفع النمو المستدام لصناعة الثقافة والسياحة.
النمو المتسارع لسوق المنتجات المشتقة من الأفلام
بالإضافة إلى إيرادات شباك التذاكر، أصبحت المنتجات المشتقة من الأفلام ركنا أساسيا آخر في صناعة السينما.
فعلى سبيل المثال، تجاوزت مبيعات المنتجات المشتقة من فيلم "الأرض المتجولة 2" حاجز المئة مليون يوان صيني، محطمة رقما قياسيا في حجم تمويل المنتجات المشتقة للأفلام المحلية.كما شهدت شارات الفيلم وسلاسل المفاتيح وبطاقات الشخصيات الرئيسية وصناديق المفاجآت وغيرها من المنتجات رواجا واسعا عبر منصات التجارة الإلكترونية، مما ساهم في تعزيز نمو سوق المنتجات المشتقة.وبات نجاح الأفلام اليوم لا يقتصر على إيرادات شباك التذاكر، بل يمتد أيضا إلى تحقيق عائدات إضافية كبيرة من خلال مبيعات المنتجات المرتبطة بها.
تنوع مستمر في أنماط الاستهلاك السينمائي
أصبحت طرق استهلاك الأفلام أكثر تنوعا. ومع تزايد تفاعل الجمهور، شهدت منصات البث الرقمي على الإنترنت نموا في عدد المشاهدات المدفوعة، حيث وصل عدد المشاهدات المدفوعة للأفلام في عام 2024 إلى 2.5 مليار مرة، بزيادة قدرها 20٪ عن العام السابق.
أسهم التحول الرقمي واستغلال حقوق الملكية الفكرية للأفلام في دفع نمو السوق، حيث انتشرت القصص المصورة والروايات المقتبسة عن الأفلام. ومن المتوقع أن يتجاوز حجم سوق السينما الصيني تريليون يوان بحلول عام 2026، مما يؤكد على دور السينما كمحرك رئيسي للثقة بالثقافة والنمو الاقتصادي.
خاتمة
يصادف عام 2025 الذكرى الـ130 لميلاد السينما العالمية، والذكرى الـ120 لميلاد السينما الصينية، والذكرى الـ15 لانطلاق مهرجان بكين السينمائي الدولي، فالمهرجان لم يوفر منصة للتواصل بين صناع الأفلام العالميين فحسب، بل أتاح أيضاً فرصاً أوسع لنمو الاستهلاك الثقافي، وصناعة السياحة، وسوق المنتجات المشتقة.
وفي المستقبل، ومع التقدم المستمر في رقمنة صناعة الأفلام وتنويعها وتوسيع نطاق تطوير الملكية الفكرية، ستصبح الروابط بين السينما وقطاعات مثل السياحة والاستهلاك أكثر عمقا، مما يساهم في دفع الابتكار والنمو في الاقتصاد الثقافي.
جميلة ما شياو جينغ، إعلامية صينية
