نظمت كلية أصول الدين بتطوان، محاضرة علمية بعنوان: "رسالة الشافعي: في السياق والمنهاج والخطاب - دراسة في نظرية المعرفة الأصولية –"، أطرها فضيلة الدكتور الحسان شهيد، أستاذ علم أصول الفقه وعلم الكلام والمناهج.
وقد التأمت هذه المحاضرة بقاعة الندوات والمؤتمرات يوم الأربعاء 23 أبريل 2025، أدارها فضيلة الدكتور محمد علا، نائب العميد المكلف بالتكوين، والذي أشار في كلمته بالشكر والعرفان والتقدير للمحتفى به على مجهوده المثمر.
وافتتحت المحاضرة بكلمة عميد الكلية الدكتور عبد العزيز رحموني، والذي استهل كلمته بتعابير الحب والتقدير والاحترام تجاه فضيلة الدكتور الحسان شهيد، معتبرا إياه قدوة للأستاذ النموذجي الذي يجمع بين غزارة العلم والأخلاق النبيلة. واعتبر هذه المحاضرة احتفاء بمناسبة حصوله على جائزة الكتاب العربي بالدوحة لعام 2025. وأوضح ذلك بقوله:" نحتفل به وبجهوده المثمرة في مجال العلوم الشرعية وأصول الفقه والمنطق". وأضاف "هذه الجائزة فخر لكليتنا، ولجامعة عبد المالك السعدي".
وللتذكير، فالدكتور الحسان شهيد، حاصل على الدكتوراه من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس. ودبلوم الدراسات العليا المعمقة من دار الحديث الحسنية للدراسات الإسلامية، بالرباط. والإجازة من كلية الشريعة من جامعة القرويين، بفاس. ويشتغل مدير تحرير سلسلة كتاب قضايا مقاصدية، عن جمعية البحث في الفكر المقاصدي بالمغرب. وأيضا عضو محكم لدى عدد من المؤسسات العلمية والدوريات والمجلات. ومن إنتاجاته العلمية، نذكر على سبيل المثال-لا الحصر-:
"منهج النظر المعرفي بين أصولي الفقه والتاريخ"، "نظرية النقد الأصولي دراسة في منهج النقد عند الشاطبي"، "الخطاب النقدي الأصولي، من التفعيل إلى التجديد"، "نظرية التجديد الأصولي، من الإشكال إلى التحرير"،"التكامل المعرفي بين العلوم: في التاريخ والمنهج".
وفي سياق مداخلته، تطرق الأستاذ المحاضرإلى المفارقة التي انبنى عليها كتابه، تبلورت في سؤال إشكالي مركب:
ما صلة الخطاب الأصولي في رسالة الشافعي بالنص الشرعي؟ وهل تمثل"الرسالة" تجربة اجتهادية منهاجية أم قانونا ثابتا في فقه النص الشرعي؟ وفرع هذا الإشكال إلى تساؤلات جزئية متداخلة، تشمل أبعاد عدة؛ البعد التاريخي والعلمي والمنهجي والمقصدي والنقدي والتقويمي.
ولتوضيح دوافع وأهداف دراسته قدم مجموعة من الأفكار العريضة- خلال محاضرته-، يمكن تلخصها في ما يلي:
-مركزيةُ الرّسالة في الدرس الأصولي: بكرة التدوين والتحرير، وأساس الصرح الأصولي، ومركزية النظر الأصولي.
-غمط حق الشافعي، من جهتين: مقدمة منهجية: الفصل بين الرسالة والأم، ونتيجة علمية: الحكم بتعارض الخطابين.
-عناية واحتفاء الدراسات المختلفة: استشراقية "فكراية"، أو علمانية قاصرة، أو أصولية تاريخية فاصلة.
وبعد ذلك، حدد الباحث الحسان شهيد دراسته بكونها تنطوي على ثلاثة أبواب أساسية:
الباب الأول: "السياق الأصولي: من الإشكال إلى التحرير". ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: "في السياق والتنظير".
الفصل الثاني: "في شاكلة التحرير".
الفصل الثالث: "في حقيقة الإشكال".
الباب الثاني: "المنهاج الأصولي: من منهج الفقه إلى فقه المنهج". ويضم فصلين اثنين:
الفصل الأول: "في منهج الفقه".
الفصل الثاني: "في فقه المنهج".
الباب الثالث: "الخطاب الأصولي: من الاستئناف إلى التقويم". ويحتوي على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: "في استئناف الخطاب الأصولي".
الفصل الثاني: "في ثوابت الخطاب الأصولية ومتغيراته".
الفصل الثالث: "سؤال الاستعادة أو التجاوز".
فضلا عن ذلك، رسم المحاضر فضيلة الدكتور الحسان شهيد نتائج الدراسة بوضوح دقيق، لكل باب على حدة، بلغة منطقية قوية، متناسقة المبنى، واضحة المعنى.
ففي الباب الأول، خلص إلى فكرة مفادها: إشكال "منهاج فقه الخطاب الشرعي" ناظم لأسئلة كثيرة في "الرسالة"، من جملتها: أسئلة المنهاج؛ سؤال البيان، سؤال اللسان، سؤال الرأي. وأسئلة الفقه؛ سؤال العلم، سؤال المعنى، سؤال العمل. وأسئلة الخطاب؛ سؤال النص، سؤال الثبوت، سؤال الدلالة.
أما في الباب الثاني، فقد أبرز فيه أن الاستدلال لم يتصل بطرق استنباط الأحكام، بل طال أصول الأحكام وأدلتها، ومسالك إحكامها. وأكد على أن حصر الشافعي للاجتهاد في القياس من باب إطلاق الجزئي الخاص الأعظم لإرادة الكلي العام الأشمل. وأوضح أن الشافعي لم ينص تصريحا وافيا على شرائط الاجتهاد، لكن الأصوليين بعده خصصوا له بابا مفردا...إلخ.
وقد خلص أيضا، الأستاذ شهيد، إلى نتائج كثيرة وغنية في الباب الثالث، منها: الأطوار المختلفة الذي مر منها الخطاب الأصولي. وجملة من ثوابت ومتغيرات الخطاب الأصولي. وغير ذلك، من القضايا الهامة التي اتسمت برؤية نقدية من باحث حصيفٍ.
ومما يُلفت الانتباه أن المحاضرة العلمية الاحتفائية التي أُقيمت على شرف فضيلة الدكتور الحسان شهيد، قد شهدت حضورا وازنا ونوعيا من السادة الأساتذة والباحثين والطلبة، الذين ساهموا بمداخلات رصينة أغنت النقاش وأثرت الحوار، كما فتحت آفاقا جديدة للبحث والتساؤل.
وفي نهاية المداخلة توجه الكاتب المحتفى به بالشكر والعرفان إلى من لهم الفضل عليه في إنجاز هذا العمل، ومنهم أهله وأسرته الكريمة...قبل أن يتسلم شهادة التقدير والدرع من السيد عميد الكلية.
نادي اللغات والتواصل الحضاري بكلية أصول الدين/تطوان
