الجمعة 18 إبريل 2025
كتاب الرأي

بوناصر المصطفى: الحرية وطعم المسؤولية في البحث العلمي؟

بوناصر المصطفى: الحرية وطعم المسؤولية في البحث العلمي؟ بوناصر المصطفى
كان دائما وسيبقى البحث العلمي الأكاديمي صفوة ورحيق خلاصة معرفية تضع الباحث في دائرة النخبة المنتجة والمؤهلة للاستشارة في حقلها، ولكي يبقى البحث على هذا المنوال يحتاج الى خلق شروط ملزمة بإحاطته في باب التأطير بنخبة مؤهلة لها خبرة واسعة نظرا لإسهاماتها الوازنة في البحث العلمي بوجاهات نظر ورؤى استراتيجية ثاقبة ومندمجة لها عمق في المعرفة والقضايا الحالية وهذا كفيل  بضمان تحصين هذا الحقل بأطر وكفاءات مواطنة تحمل الهم العلمي خدمة لقضايا مجتمعية قريبة من اشكالات حالية استنفذت كثيرا من الزمن السياسي  وارهقت جهود الوطن كي تقاوم استمرار الخوض في قضايا اعتباطية ونظرية فقط للوجاهة الثقافية والاجتماعية ؟
فهل من سبيل لاقتراح معايير لتقييم فعالية البحث العلمي وتأثيره على المجتمع؟
 
في تقييم للحصيلة العلمية الجامعية تبدو في مجملها غير ذي جدوى وبعيدة عن النجاعة للخوض في قضايا مجتمعية معاصرة وعن إصرار لمواجهة إشكالات مستعصية في جهود التنمية، تغوص الجامعات المغربية بلائحة وفيرة من البحوث الجامعية المطروحة للنقاش الأكاديمي، دون ان تكون لها اية مساهمة علمية نظرا لثقل سلة الباحثين الجدد والذين لم يكن اختيارهم -هن  لمجال البحث في اسلاك الدكتوراه عن قناعة وانما عن اكراه مادام اسواق الشغل موصده بسبب تنافر العرض والطلب ، لم يكن لتراكم  هده الاعداد الا  ليفرز ضغطا على الجامعة فينعكس على جودة التأطير بارتجال عناوين بحوث غير معنية بعنصر الجدية والالتزام العلمي  ومساهمته الأكاديمية في تطوير المجتمع وتنميته بقدر ما هذا المجال النخبوي بتسريب عدوى العطالة في مجال للباحثين الشبان ليعدو العقم العلمي في مسارهم الأكاديمي.
فما هي آليات اختيار النخبة المؤهلة سواء للتأطير أو دخول مجال البحث؟
هل وضعنا قياسات لفعالية المقترحات البحثية؟  
 من المفروض في أي بلد يعي جيدا أهمية البحث العلمي في مساره ان يعترف بكونه أولا اختيار استراتيجي يتطلب ضبط معايير خاصة تعزز فعالية التأهيل والبحث على حد سواء.
 
لأن المشرف الأكاديمي يفترض تعينه بناءً على خبراته الأكاديمية البحثية الوازنة وبسجل حافل من الأبحاث ومشاركة فعّالة في المجتمع الأكاديمي وبسبق في الخبرة والمعرفة عمر نسبيا في الإشراف على برامج وتكوينات دورية لباحثين في مهارات البحث، والكتابة العلمية، وإدارة المشاريع، بتجربة في عملية استعراض وتقدم الباحثين بتقديم الملاحظات والتوجيه، بدافع الدعم والتحفيز ولما لا له باع للعناية والاهتمام بإنشاء مجموعات بحثية، يمكن ان تكون فضاء للباحثين لتبادل الأفكار والملاحظات، او تنظيم فعاليات دورية يتمكن من خلالها الباحثون من عرض أبحاثهم والحصول على تعليقات من نظائرهم والمشرفين هذا مع توفر شروط وقواعد البيانات البحثية كالمكتبات المجهزة بالتكنولوجيا اللازمة مما يعزز جودة الإنتاج العلمي.
 
إن ما يمنح الباحثين إطار عمل يمكنهم الاستناد إليه وضع معايير واضحة لتقييم الأبحاث والمشاريع البحثية وكذا تعزيز الثقافة العلمية في المجتمع الأكاديمي من خلال نشر الوعي حول أهمية البحث العلمي ومساهمته في حل المشكلات المجتمعية لان خدمة احتياجات المجتمع رهين بتحسين جودة التأطير الأكاديمي وتعزيز بيئة البحث العلمي.
قد نقترح فتح نقاش جاد للإجابة عن أسئلة كثيرة للمراهنة على الرفع من جودة وتأثير البحث العلمي في المجتمعات العربية:
 
فهل من رؤية للدولة والمؤسسات الجامعية والهيئات الاكاديمية لتعزيز جودة التأطير الأكاديمي؟
هل من برامج للتوجيه تستهدف الربط بين الباحثين الجدد والمشرفين ذوي الخبرة لتعزيز نقل المعرفة وتقديم الدعم المعنوي؟
 هل من نظام تقييم الأقران للأبحاث، قصد مراجعة الأبحاث من قبل باحثين آخرين ذوي خبرة قبل الموافقة والنشر، مما يضمن جودة العمل؟
كم هي عدد الدورات التدريبية المتخصصة في مهارات البحث، مثل تصميم الدراسات، تحليل البيانات، والكتابة الأكاديمية، وتطوير مهارات الاتصال؟
إلى أي حد تم استثمار وتشجيع التعاون بين المؤسسات الأكاديمية الدولية، مما يعزز تبادل المعرفة والخبرات حتى تقدم هذه الشراكات الدولية فرصًا للباحثين للوصول إلى موارد متميزة؟
كم تبلغ الميزانيات الخاصة بالبحث العلمي في بلادنا لدعم المشاريع البحثية، لإتاحة الفرص لهؤلاء الباحثين التركيز على مشروعهم العلمي دون ضغوط مالية؟
ما هو حجم استخدام الأدوات التكنولوجية المتقدمة في الاابحث والتعليم، مثل منصات التعلم الإلكتروني، وقواعد البيانات المتقدمة، وتحليل البيانات الكبيرة؟
هل من مبادرة لتعزيز الأبحاث التي تجمع بين مجالات مختلفة، مما يوفر حلولًا مبتكرة للتحديات المعقدة؟
إلى أي مدى تم إدماج المجتمع في الأبحاث من خلال مشروعات بحثية تستهدف القضايا المجتمعية، مما يعزز من ربط البحث الأكاديمي بالتطبيقات العملية؟
هل من مجال للتحفيز على الجودة وتشجيع ثقافة تفضيل الأبحاث العلمية الهادفة على العدد الكبير من المنشورات الورقية، بهدف الرفع من مصداقية وأهمية الأبحاث؟
 ولماذا لم تجتهد الوزارة الوصية في تشجيع مفهوم النشر المفتوح للوصول إلى الأبحاث، مما يزيد من تأثيرها ويعزز من شفافية العلوم؟