الاثنين 7 إبريل 2025
كتاب الرأي

أنور الشرقاوي: مرافعة من أجل صوت.. إبتهال أبو سعد على منبر لجنة القدس

أنور الشرقاوي: مرافعة من أجل صوت.. إبتهال أبو سعد على منبر لجنة القدس أنور الشرقاوي
في عالمٍ يُداعب فيه الوهم ذاكرةَ التاريخ، وتخترق فيه الخوارزمياتُ وجدانَ الشعوب كما تخترق المياهُ الجداولَ القديمة، ارتفع صوتٌ لا يشبه سواه، رقيقٌ كنسيم الفجر، قويٌّ كنبض الحقيقة، وذلك في الذكرى الخمسين لشركة مايكروسوفت.

لم يكن صوتَ رئيسٍ تنفيذي، ولا نداءَ سياسيٍّ متأنق بربطة عنق، بل كان صوتَ مهندسةٍ مغربيةٍ شابة، إبتهال أبو سعد، التي تجاوز صدى صوتها جدرانَ التكنولوجيا ليصلَ إلى أسماع من ظنوا أن العالم لا يلتفتُ إلا إلى الكبار.

إنه صوتٌ محمَّلٌ بالوعد، مشبعٌ بالذاكرة، مشرقٌ بروح الحداثة.
صوتٌ يجب أن يُسمَع، بل يُحتفى به، من على منبر لجنة القدس.

صوتٌ رقميٌّ في عالمٍ صامتٍ من زمنٍ بعيد

إبتهال لم تتكلم وحسب، بل نقشتَ كلماتها في قلب الآلة.
جعلت من الشيفرة الحاسوبية جسراً إلى الثقافة، ومن الذكاء الاصطناعي حليفاً لذاكرة الأمة العربية.

في صمت مختبرات مايكروسوفت، وبين أوامر البرمجة وسجلات الابتكار، حفرت لنفسها موطناً، ورفعت راية هويةٍ كادت تُطمَس في زحمة الأرقام.

إنها تجسيدٌ لجيلٍ جديد، جيل أبناء غزة والقدس ورام الله والرباط، أولئك الذين وُلدوا بشريحة في القلب ونداء في الحلق.

إنها تتحدث العربية في السحاب الرقمي، والعالم كلّه يُصغي، دون أن يطلب ترجمة.


فهل تبقى لجنة القدس صامتة ؟

لجنة القدس، تلك الهيئة التي شُكّلت لحماية قدسية المدينة ومكانتها في قلوب المسلمين، هل يُعقَل أن تتجاهل هذا الرمز؟

هل يجوز أن تواصل عملها بخطاباتٍ مكرورة، ومواقف دبلوماسية باهتة، في حين أن معركة القدس باتت تُخاض على جبهات البيانات والشبكات والذكاء الاصطناعي؟

إن دعوة إبتهال ليست مجاملة، بل رسالة.
رسالةٌ للعالم أن قضية القدس لا تموت بانتهاء الجيل، بل تنتقل من الأب إلى الحفيد، من الورق إلى السطر الرقمي.

رسالةٌ للشباب أن اللجنة تراهم، تسمعهم، وتدعوهم للصعود إلى المنبر.

سفيرةٌ طبيعيةٌ للنهضة

إبتهال أبو سعد ليست مجرد مهندسة.
إنها شاعرة الشيفرة، مناضلة الذاكرة الرقمية، امرأة عربية شامخة في عالمٍ عالميٍّ يغلب عليه الطابع الذكوري.

لا تلوّح براياتٍ، بل تكتب أكواداً لعالمٍ أنقى.
لا تردد شعارات، بل ترسم طرقاً بين الذكاء، والإيمان، والمسؤولية.


دعوتها قد تُسجَّل في كتب التاريخ

المنبر في لجنة القدس لا يجب أن يتحول إلى أثرٍ جامد.
بل يجب أن يكون حيًّا، ملهمًا، شابًا، بصيرًا بالمستقبل.
وإبتهال قادرة على إيصال صوت القدس المعزَّزة، القدس المتّصلة بضمائر الملايين، والمحفوظة في ذاكرة السحاب.

دعوتها ليست فعلاً عاديًّا، بل منعطفٌا تاريخيا.