الاثنين 31 مارس 2025
اقتصاد

بعد المصادقة على قانون الإضراب النقابات المغربية تنتظر قانونها الخاص

بعد المصادقة على قانون الإضراب النقابات المغربية تنتظر قانونها الخاص جانب من وقفة احتجاجية (سابقة)

على الرغم من كل التحركات التي قادها نقابيون وسياسيون ضد تفاصيل القانون الجديد للإضراب، إلان أن حكومة أخنوش نجحت في تمريره حيث أصبح اليوم ملزما بعد صدور قانونه التنظيمي رقم 97.15 بالعدد الأخير للجريدة الرسمية.

واليوم بدأ النقاش مجددا حول قانون آخر لا يقل أهمية بالنسبة للشغيلة المغربية وهو قانون المنظمات النقابية الذي يحمل رقم 24.19 والذي تأخر كثيرا في ثلاجة الحكومة، والذي تمني معه هذه الشغيلة النفس لكي يخرج وفق منطق تشاوري لكي تضمن لها ممارسة نقابية متوازنة وبعيدا عن أية إملاءات خارج مجال العمل النقابي الصرف.

غير أن العلاقة اليوم بين حكومة اخنوش وجل النقابات المهنية ليست على ما يرام. لقد سبق أن هدد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل بالتصعيد إذا لم تلتزم الحكومة بوعودها، خصوصا تلك التي عقدتها وفق برنامج الحوار الاجتماعي.

وعلى الرغم من أن الحكومة التزمت بجملة من الإجراءت ووضعت لذلك لجنة مشتركة تضم ممثلين عن النقابات الأكثر تمثيلية، إلا أن الصراع بين النقابات في المغرب والأحزاب السياسية لم يتوقف. بل إن ميلاد النقابات في المغرب كانت قد حركته معارك السياسة أكثر مما حركته الملفات المطلبية للشغيلة. واليوم بدأ الحديث عن تراجع كبير لأدوار الأحزاب السياسية في رسم معالم الحياة النقابية التي تسعى لضمان مزيد من الاستقلالية.

غير أنه للنقابات العمالية تاريخ من الصراع سواء مع أرباب العمل، أو مع بعض الأحزاب السياسية، خصوصا وأن ميلاد جل النقابات والمركزيات تحكمت فيه بعض هذه الاحزاب لدرجة أصبح لكل تنظيم حزبي مركزيته النقابية، على الرغم من أن هذه النقابات تتحدث في قوانينها الأساسية عن الاستقلالية.

 أول تجمع نقابي في جرادة
كان التذمر الذي عاشه عمال مناجم جرادة، قد ساعد المنجميين على الانخراط في العمل النقابي، بعد أن وجد بعض القادة فرصة توسيع  القاعدة حيث كانت جماعة منهم تلتقي سريا منذ 1945، قبل الجهر علنيا بنشاطهم النقابي مع اتخاذ بعض الاحتياطات اللازمة.
ويحكي عدد من قادة العمل النقابي المغربي كيف شهدت إحدى ليالي رمضان من سنة 1946، أول تجمع عمالي لمعامل فحم جرادة، وذلك على بعد كيلومترين من مركز القرية المنجمية. وهو التجمع الذي ضم حوالي 800 عامل. وبعد يومين، التأم الجمع الثاني لشغيلة جرادة، حضره حوالي ألف شخص. ثم تلاه اللقاء الثالث في عطلة يوم الأحد، شارك فيه جميع العمال تقريبا، وحضره القائد الزكرواي، الذي كان ابناه أحمد وعمار عضوين في حزب الاستقلال.
وخلال هذا التجمع النقابي الكبير، تناول الكلمة عدد من المناضلين من أمثال محمد بن علي، وعلي بلقاسم، المدعو كوسكوس، وامحمد أومجوض، المكنى حمو السوسي، وأحمد المعطاوي، ومحمد جبارة، والطيب بن بوعزة، حيث تمت الدعوة إلى الإتحاد المنظم داخل مركزية نقابية وطنية مستقلة.
وفي اليوم الموالي لهذا التجمع، وجه السيد "بولان" الذي كان مديرا لشركة فحم جرادة استدعاء إلى النقابيين محمد بن علي، ومحمد جبارة والطيب بن بوعزة، بعد أن استقبلهم كل على حدة. وحاول حملهم على التخلي عما يعتزمون القيام به، واعدا إياهم بتحسين أوضاعهم الشخصية، دون أن ينجح في مهمته التي كانت تعني الابتعاد على العمل النقابي في مفاحم جرادة. وقتها ستبادر إدارة الحماية إلى تعيين السيد "شينيبو" على رأس دائرة وجدة، وهو الذي عرف بمعارضته للعمل النقابي. حيث ظل يدعو النقابيين إلى الانتساب إلى إحدى المركزيتين النقابيتين الفرنسيتين. وهو الاقتراح الذي رفضه المغاربة وكانوا مصرين على تشكيل مركزية نقابية مستقلة عن النقابات الأجنبية.

العمل النقابي في فترة الحماية

عاش المغاربة على عهد الحماية الفرنسية، تحت قانون يمنح لأقلية من العمال الأوربيين، حق ممارسة الحق النقابي. فالأوربيون هم من كان لهم حق تنظيم وتسيير النقابات، طبقا للظهير الصادر وقتها في دجنبر من سنة 1936.
وفي المقابل، لم تتردد الإقامة العامة في منع المغاربة من الانخراط في النقابات بمرسوم 24 يونيو 1938 متذرعة ببعض الأحداث التي وقعت في بعض مناجم الفوسفاط. وتبعا لهذا المرسوم، فإن انخراط المغربي في إحدى النقابات، كان يعتبر جناية يعاقب عليها القانون. ولم تكن العقوبة تطال المنخرط النقابي وحده، بل إنها كانت تمتد للفرنسي الذي يكون قد حرضه أو ساعده على هذا الانتماء. وبقي العمل ساريا بهذا المرسوم إلى غاية سنة 1950، حيث سيتم إلغاؤه. غير أن ذلك لم يكن اعترافا صريحا بالحق النقابي للمغاربة. الحق الذي سيتم انتزاعه عمليا في 12 شتمبر من سنة 1955 لفائدة المأجورين والعمال الزراعيين، أي بعد تأسس نقابة الاتحاد المغربي للشغل.
لقد ظلت المنظمات النقابية الأجنبية، التي كانت تدافع عن العمال الأوربيين، تقوم بنشاط نسبي بالنسبة للمغاربة ينحصر أساسا في السهر على تطبيق القوانين والبروتوكولات التي بموجبها تضمن الإقامة العامة للموظفين وأعوان الخدمة العمومية بالمغرب، نفس شروط العمل والأجور والامتيازات التي كان يستفيد منها الأوربيون. ومن ذلك بعض المنح التي كانت توزع عليهم.
ويحسب للكونفدرالية العامة للشغل أنها كانت توفر للمغاربة إطارا من شأنه أن يسمح لهم بممارسة العمل المطلبي، حيث سيقود بعض المغاربة نضالهم ولو في إطار ما عرف بالكفاح النقابي السري منذ سنة 1945. وهو النضال الذي امتد لجملة من المجالات.
كما ساهمت هذه الكونفدرالية في تمكين الأطر المغربية من التمرن وإعداد المجال لمركزية نقابية وطنية حرة، والنضال بفعالية لقلب النظام الاستعماري بصفته مصدر جميع المصائب، ويمثل الحاجز المانع لكل انعتاق وطني.
وكان اتحاد النقابات للمغرب، وهو فرع من الكوفدرالية العامة للشغل، أول منظمة نقابية نشأت بالمغرب وانخرط فيها العمال المغاربة، قد بدأ هذا نشاطه بعد تحرير إفريقيا الشمالية من الاحتلال الألماني في بداية سنة 1943، حيث حظي بمساندة الحكومة الفرنسية، خوصا تلك التي شاركت فيها أحزاب اليسار. كما أنه استفاد في بداياته من تساهل إدارة الحماية. وعلى الرغم من أن مرسوم 1938 يحرم على المغاربة الانتماء إلى النقابات، ويعاقب الفرنسيين الذين يشجعونهم على الانخراط فيها، إلا أن  "س.ج.ت" فتحت أبوابها على مصراعيها أما المغاربة ضدا على مقتضيات القانون الذي كان يستحيل تطبيقه والشيوعيون مشاركون في الحكم.
ورغم انعدام الحريات النقابية، فإن قادة الحزب الشيوعي المغربي ومنظمة الكونفدرالية العامة للشغل، قاموا بنشاط مركز في المدن والبوادي. وهو الشيء الذي أقلق الوطنيين الذين سبق لهم أن طالبوا بالحق النقابي للمغاربة في برنامج الإصلاحات لسنة 1934.
ونتيجة للخوف الذي اعتراهم من أن تصغي الجماهير المغربية للأفكار الشيوعية، قرر الوطنيون مقاطعة "س.ج.ت"، ومضاعفة الجهود من أجل الاعتراف بالحريات النقابية التي تسمح للمغاربة بتنظيم نقابات حرة. فالنقابة كانت تمارس جاذبية لا تقاوم على العمال المتروكين عرضة للاستغلال الوحشي، فيما كان المناضلون النقابيون متعطشين للكفاح.
ومع ذلك فقد كان بعض القادة الاستقلاليين يحثون سريا على الانخراط في النقابات. ولم يتخذ حزب الاستقلال موقفا مساندا لهذا الأمر إلا في سنة 1948، رغم أن بعض قادة الحزب الجهويين، من أمثال السيد بوشتى الجامعي الذي صرح سنة 1948 للطيب بن بوعزة، بعد أن قدم إلى الدار البيضاء مطرودا من ناحية وجدة، بأن النقابات هي مركز للشيوعية، وضرب لذلك مثلا بعلي يعتة، الذي بدأ بالانخراط في نقابة المعلمين مع  الشيوعي الفرنسي"ميشيل مازيلا"، قبل أن يجعل منه هذا الأخير مسيرا مقتنعا بالشيوعية.
ولم تتدفق جماهير العمال على النقابات إلا في سنة 1946، إذ وفدت من مختلف المهن، كعمال الموانئ، والبناء، والسكك الحديدية، والأوراش العسكرية التابعة للطيران، والسدود، المناجم وغيرها.
كما أن الحركة النقابية المغربية استفادت من وصول المقيم العام الفرنسي "ايريك لابون" الذي كان يدافع عن الليبرالية بما في ذلك الحق في العمل النقابي. لذلك نجح اتحاد نقابات "س ج ت"، في نونبر من سنة 1946 بمناسبة المؤتمر المنعقد بمدينة مراكش، في تغيير اسمه ليصبح "الاتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب"، حيث تم تعيين أول مغربي على رأس منظمة نقابية وهو امحمد الطاهر، الذي كان شيوعيا، أمينا عاما، إلى جانب كاتب عام فرنسي.

نقابة لعمال باطن الأرض

شكلت سنة 1946 بداية تاريخ ميلاد نقابة مناجم جرادة، حيث تمرس فيها النقابيون على العمل النقابي، ونجحوا في الحصول على عدة مكاسب مهنية. كما انتشرت الحركة المطلبية. وخلال بضعة أشهر أصبح لكل مناجم المغرب الشرقي نقاباتها. كما تم الاتصال بعمال مناجم الفوسفاط بخريبكة حيث نظم الحسن بن المعطي ماهر ورفقاؤه النقابة المحلية لفروع خريبكة، وبولنوار، ثم نقابة بوجنيبة. وبعد مرور مدة وجيزة، كان الدور على نقابة اليوسفية وآيت عمار. وقتها كانت الظروف قد توفرت لعقد مؤتمر تأسيسي لعمال باطن الأرض، عقد في نونبرمن سنة 1946 بجرادة، حيث أصبح لحسن بن المعطي كاتبا عاما بالنيابة، وعلال البشير أمينا للصندوق. فيما انتخب الطيب بن بوعزة كاتبا عاما.
وهو المؤتمر الذي تلقى دعما فعالا من نقابة الكونفدرالية العامة للشغل "س.ج.ت" الفرنسية، والتي كانت بمثابة مدرسة حقيقية لتكوين الأطر النقابية الأولى. حيث أظهر قادتها من أمثال بريدوم، وعياش، واليسو، وجان لوي، وغيرهم كثيرا من الشجاعة لدعم العمل النقابي.

وحينما عين المقيم العام "إيريك لابون" راهن على تطبيق ما سماه بالإصلاحات. ومن ذلك السعي إلى إدماج المغرب في الاتحاد الفرنسي. وكان يهدف إلى الحصول عن طريق الدبلوماسية على ما فشل في تحقيقه سابقوه بواسطة القوة. لقد أراد ربط الاقتصاد المغربي إلى الأبد بالاقتصاد الفرنسي، وكان يأمل أن يكون عمله مشابها لما قام به الماريشال ليوطي في الميدان السياسي. أما ما يتعلق بالحق النقابي، فقد كان "لابون" يوافق على منحه للعمال المتخصصين في المؤسسات الكبرى لا غير، ويستبعد باقي العمال اليدويين والزراعيين من أي انتماء نقابي. ولأنه إيريك جاء لرفض مبدأ السيادة المشتركة، ودعم الهيمنة الفرنسية على ثروات البلاد، فإن تجربته باءت بالفشل.
ولم تعمل فترة حكمه القصيرة إلا على تأجيج شغف المغاربة لمعانقة الحرية، ومنها حقهم في العمل النقابي.
وفي 22 من أبريل من سنة 1948، سيخوض العمال المغاربة إضرابا شاملا في مناجم الفوسفاط بخريبكة واليوسفية، وفي منشآت الشحن بآسفي والدار البيضاء تحت شعار "تحسين ظروف العمل ووقف القمع". وكان ذلك مبررا لإدارة الفوسفاط والسلطة لممارسة الضغط على العمال المضربين بجلدهم، والرمي بهم في السجون، واعتقال زوجات المتمكنين من الهرب منهم، وبفرض عزلة كاملة على الأحياء العمالية، وقطع الماء والتيار الكهربائي والمؤن عنها.
ولم يعد بإمكان مناضلي "جامعة باطن الأرض" ومسؤولي الاتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب، الدخول إلى المراكز المنجمية عبر الطرق العادية بسبب الحواجز وعمليات التفتيش التي تقوم بها الشرطة والدرك.
 لذلك كان العمال يتسللون إلى داخل المدن والقرى بامتطاء قطارات شحن الفوسفاط، وذلك بمساعدة رفاقهم من عمال السكك الحديدية.
وبعد صمود دام شهرا كاملا في ظروف قاسية، تمكنت السلطة من تكسير الإضراب.

ميلاد الإتحاد المغربي للشغل

هكذا كانت الإرهاصات الأولى للعمل النقابي في المغرب خلال فترة الإستعمار، قبل أن يولد الإتحاد المغربي للشغل حيث تمكن القادة النقابيون الذين تم الافراج عنهم في اواخر شهر نونبر 1954من إعادة تنظيم أنفسهم، وتشكيل لجنة تحضيرية عهد إليها بتنظيم الحركة النقابية بالمغرب في أفق عقد مؤتمر استثنائي يتم خلاله تأسيس نقابة مغربية مستقلة، حيث تقلد المناضل النقابي الطيب بن بوعزة مهام تسيير هذه اللجنة حينما انعقد بحي بوشنتوف بالدارالبيضاء اجتماع ضم عددا من المناضلين النقابيين الممثلين للقطاعات الانتاجية بمختلف المدن المغربية، والذي وتوج بالإعلان عن ميلاد الإتحاد المغربي للشغل، كأول مركزية نقابية عمالية مغربية مستقلة، والتي ستصدر أول نداء إلى الطبقة العاملة دعت فيه إلى الوحدة والتضامن لبناء مغرب حر وديمقراطي. كما طالبت بالحق في العمل، والقضاء على البطالة، وتحسين الأجور، وتوفير الضمان الاجتماعي للجميع. مع التوزيع العادل للخيرات، واحترام حقوق الإنسان. بعد ان وقع الاختيار على المحجوب بن الصديق كاتبا عاما لهذه النقابة، بدلا من الطيب بوعزة، الفائز الحقيقي في عملية الاقتراع، والذي حاز على ثقة المؤتمرين الذين انتخبوه لمنصب الكاتب العام بدلا من منافسه بن الصديق، الذي سيعارض نتيجة الانتخابات بعد أن اعتبرها غير مقبولة، خصوصا وقد لقي دعما من قبل عبدالله ابراهيم، في حين عارضه كل من ابراهيم الروداني ومجموعة من الإطارات النقابية الأخرى التي طالبت باحترام نتائج الانتخابات.

لقد ساهمت ظروف الاستقلال، في قدرة النقابيين على التحرك بحرية حيث تمكنوا من تأطير مئات الآلاف من العمال المغاربة، خصوصا وقد استفادت المركزية النقابية من دعم الدولة من خلال توفير المقرات والتجهيزات الضرورية، وتخصيص المنقطعين النقابيين وتزويدها بمختلف أشكال الدعم الإداري والمالي.
وقامت المركزية النقابية الإتحاد المغربي للشغل، في تشكيلها، على التنظيم الاقليمي القائم على الاتحادات المحلية، قبل الأخذ بالتنظيم المهني ابتداء من سنة 1975، وهو القائم على تكوين جامعات وطنية تضم عمال المهنة الواحدة.
وكانت الأجهزة القيادية للإتحاد تقوم على الأمين العام، الذي كان ينتخب من طرف الأمانة العامة، قبل أن ينتخب من قبل المؤتمر الوطني ابتداء من سنة 1985، ثم من المجلس الوطني، واللجنة الإدارية، والمكتب الوطني، ثم الأمانة التنفيدية.

 

التعدد النقابي في مغرب الحسن الثاني
كان لا بد للتطورات السياسية على الخصوص التي عرفها مغرب الحسن الثاني، أن تفرز تعددا نقابيا، بدلا من الاكتفاء بمركزية نقابية واحدة، خصوصا بعد أن انفصل الإتحاد المغربي للشغل عن حزب الاستقلال، وأصبح مواليا للإتحاد الوطني للقوات الشعبية. وقتها ولد الإتحاد العام للشغالين، الذي اعتبر الدراع النقابي لحزب الاستقلال. قبل أن تؤسس الحركة الشعبية دراعها النقابي، والذي كان يتمثل في اتحاد نقابات العمال الأحرار ابتداء من سنة 1963. ليؤسس سنة بعد ذلك الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إتحاد نقابات القوى العاملة.

وكانت خطوة الجامعة الوطنية للبريد في تنفيذ إضراب عام، قد شكلت بداية ميلاد تنظيم نقابي جديد، حيث احتدم الصراع في نونبر من سنة 1962 بين مجموعة المحجوب بن الصديق، ومجموعة عمر بن جلون بمناسبة التهيء لعقد المؤتمر الثالث للإتحاد المغربي للشغل. أما حينما كان المؤتمر يفتتح أشغاله، فقد وقعت مشادات بين الموالين للمحجوب بن الصديق والموالين لعمر بنجلون، الذي تعرض للاختطاف والتعذيب بكهف كان يوجد ببورصة الشغل بالدار البيضاء لساعات. والحصيلة هي أن قيادة الإتحاد المغربي للشغل ستتخذ قرارا بتجميد الجامعة الوطنية للبريد، و طرد قيادييها من الإتحاد، وحل كل أجهزتها القيادية، وتعيين لجنة مؤقتة لتمثيل قطاع البريد. أما لمواجهة هذا الوضع، فقد اتخذ قرار  تأسيس إطار قانوني مستقل للمشاركة في انتخابات اللجان الثنائية. وهو الإطار الذي سمي بالجامعة الوطنية لمستخدمي البريد كنقابة مستقلة عن الإتحاد المغربي للشغل.

وفي يناير  من سنة 1978، سيتم تأسيس النقابة الوطنية للبريد والمواصلات بالدارالبيضاء. وقبل ذلك كانت مجموعة عمر بنجلون قد أسست لجان التنسيق بقطاع التعليم، وشاركت في انتخابات اللجن الثنائية كتنظيم مستقل. قبل أن تتأسس النقابة الوطنية للتعليم كإطار مستقل عن الإتحاد المغربي للشغل في فبراير من سنة 1966، والتي ستساند في 1972 الجامعة الوطنية للتعليم في دعوتها لإضراب وطني.
وفي سنة  1976 ستتأسس النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط.
وفي سنة 1978  ستصبح الجامعة الوطنية لعمال الطاقة التابعة للإتحاد المغربي للشغل، هي النقابة الوطنية للماء والكهرباء.
وهي نفس السنة التي ستعرف تأسيس النقابة الوطنية للسكر والشاي
والنقابة الوطنية لصناعة البترول والغاز.
والنقابة الوطنية للمواصلات السلكية واللا سلكية. لتتوج في نونبر من نفس السنة وتحديدا في 25 و26 من نفس الشهر، بتأسيس الكنفدرالية الديمقراطية للشغل. التنظيم الذي سيقوده محمد نوبير الأموي، ويخوض به عددا من المعارك النقابية كان أبرزها الإضراب العام ليونيو من سنة 1981.

اليوم لم يعد الأمر سرا أن تولد النقابات وهي تعلن نفسها جناحا لهذا التنظيم السياسي أو ذاك فيما يشبه "الزواج الكاثوليكي" لدرجة أنه أصبحت لكل حزب نقاباته التي تتحرك وفق الأجندة التي يرسمها الحزب، وليس فقط في علاقة بالملفات المرتبطة بحال الشغيلة وظروف عملها.