الأربعاء 2 إبريل 2025
اقتصاد

مراد علمي: %35.. المفوضية الأوروبية تبتز الصادرات المغربية

مراد علمي: %35.. المفوضية الأوروبية تبتز الصادرات المغربية مراد علمي
يمكن اعتبار فرض هذه الرسوم الجمركية والقيود التجارية الجائرة على الصادرات والمنتجات المغربية كسلاح خطير وغاشم بغية تعطيل عجلة الاقتصاد وتقدم المملكة المغربية، تفقير وتجويع شرائح واسعة من الشعب، تخريب سوق الشغل والاجهاز على الاستثمارات الأجنبية، وهذه الاعمال تتعارض كليا مع الصورة المشرقة التي يريد أن يروج لها الاتحاد الأوروبي أنه هو الرائد النزيه وعراب الأسواق الحرة والمفتوحة والمدافع الشرس عن منظمة التجارة العالمية. ولو الواقع المر لا يتطابق مع الخطابات الجميلة والمنمقة، حيث لا زالت التعريفات الجمركية جد مرتفعة بالنسبة لولوج منتوجات الجنوب العالمي إلى الأسواق الأوروبية.
 
تسبب حماية المنتوجات الزراعية الأوروبية مشاكل جمة للجنوب العالمي، فرغم السماح له تصدير المنتجات الخام إلى أوروبا معفاة من الرسوم الجمركية، فإن الجنوب العالمي يضطر إلى مواجهة حواجز تقنية وقانونية وجمركية خاصة بالأغذية المصنعة. وبالإضافة إلى ذلك، نظرا لجولة من الانكماش والركود الاقتصادي فضل الاتحاد الأوروبي نهج الحماية الاقتصادية على حساب الانفتاح ومبدئ رابح ـ رابح، واتخذ في الآونة الأخيرة قرارات عدوانية ومجحفة، كما مر للسرعة القصوى قصد إبرام اتفاقيات ثنائية التي تسمح له باستخدام قوته التفاوضية في مواجهة بلدان أصغر منه بكثير.
 
وأسباب الهجرة النظامية أو غير النظامية منها متعلقة في العمق بفرص العمل القليلة وشح الاستثمارات التي تدر الربح وتضمن حياة كريمة، ودواعي الهجرة هي اقتصادية بامتياز، بغض النظر عن أسباب أخرى كالأسباب الدينية، الجغرافية، السياسية، الثقافية إلخ، وفرص العمل وبالأخص تحسين مستوى الدخل المعيشي هو الهاجس الرئيسي بالنسبة لجل شباب الجنوب العالمي، وعلى النقيض من ذلك، فإن الشمال العالمي غالبا ما يغرق الأسواق الأفريقية بمنتجاته المدعومة. كما هو الحال في غانا مثلا، حيث يشكو مربو الدواجن من أن أسعار الدجاج الرخيص الأوروبي هو من دفع تربية الدواجن المحلية إلى حافة الانهيار، حيث الكيلوغرام الواحد المستورد من أوروبا أرخص بثلاث مرات من المنتوج المحلي، بالنسبة للشوكولاتة، فالأمر هو نفسه، على الرغم من أن غانا تعتبر من أكبر المنتجين لبذرة الكاكاو في العالم إلى جانب ساحل العاج، حيث يستحوذ الاثنان على %60 من إجمال الإنتاج العالمي، وبالتالي فإن العديد من السكان المحليين لا يستطيعون شراء قطعة واحدة من الشوكولاتة، نفس الشيء بالنسبة لفاكهة الأفوكاتو التي يبلغ ثمنها في المغرب 20 درهما للكيلوغرام، ناهيك عن فواكه أخرى التي اشتعلت نيرانها جيوب المواطنين تاركة وراءها ذيولا من اللهام والحيرة.
 
فهذه الضغوطات ليست قرآنا منزلا، فالمغرب له كذلك بعض أوراق الضغط، وأكيد أنه يمكن للوزارة الوصية أن تتخذ الإجراءات الازمة قصد ردع هذه السلكيات العدوانية والغاشمة، حيث نجحت الكاميرون وساحل العاج والسنغال في مكافحة اللحوم الرخيصة القادمة من أوروبا منذ سنوات، ومنذ ذلك الحين، بدأ الإنتاج المحلي في النمو وتم خلق الآلاف من فرص العمل. وتقوم السينغال اليوم بتربية كتاكيتها بنفسها بدلاً من استيرادها من أوروبا مثل الدول الإفريقية الأخرى، كما تقوم بتزويد الدول المجاورة مثل مالي وغينيا أيضاً. والانخراط في منظمة التجارة العالمية لا يعني تدمير الاقتصاد المحلي والانبطاح لقرارات الغير، والقوات العظمى تصول وتجول أصلا وتقرر ما يلحو لها ولتجارتها بدون مراعاة أي اتفاقية دولية.
 
وبدلا من الفوز على الآخر من الأنسب تبني مبدئ رابح ـ رابح، لأن إيجاد حلول واقعية وهادفة بغية تلبية مصالح الطرفين هي الأنجع، حيث ستساهم هذه الطريقة في تعزيز الثقة بين الطرفين، تعميق العلاقات وزيادة الإنتاجية وتحقيق علاقات تتسم بالاستدامة وغير خاضعة لتقلبات السوق أو الرهان الجيوستراتيجية، كما ستساهم بصورة ملموسة في تجنب الاختلافات والصراعات حيث سيشعر كلا الطرفين أن القرارات كانت عادلة والنتائج مرضية، ولدا يمكن القول: القوانين تأطر، أما العدالة تعترف بالظلم، تقوم بإسقاطه والتغلب عليه.