في كل موسم مطري، يرفع المغاربة أيديهم بالدعاء طلبا للغيث، إدراكا منهم لأهمية التساقطات المطرية في إنعاش الاقتصاد الوطني، الذي يرتبط بشكل وثيق بالقطاع الفلاحي. لكن بمجرد أن تبدأ الأمطار في الهطول، سواء بغزارة أو بشكل متقطع، تتكشف هشاشة البنية التحتية في مختلف المدن، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.
الدار البيضاء، كبرى مدن المغرب، لا تشكل استثناء لهذه الظاهرة. فبمجرد القيام بجولة قصيرة هذه الأيام في شوارعها وأزقتها، تتضح المعاناة اليومية للسكان مع الحفر المنتشرة والطرقات التي تحولت إلى برك مائية تعيق حركة المرور، وتكشف سوء تدبير المشاريع الحضرية. هذه الحالة ليست وليدة اللحظة، بل تكررت عبر السنوات، مما يطرح تساؤلات جادة حول جودة إنجاز الطرق والمعايير المتبعة في تنفيذها.
ويرى العديد من المهنيين أن المشكلة تكمن في غياب المراقبة الفعالة أثناء عمليات إنجاز الطرق، وهو ما أكده المهندس محمد بوراس، الذي شدد على ضرورة فرض رقابة صارمة من قبل مكاتب الدراسات ومختبرات مراقبة مواد البناء، لضمان احترام المعايير التقنية المطلوبة.
فالجودة الرديئة للطرقات تعود بالأساس إلى ضعف تتبع الأشغال، مما يسمح بتمرير صفقات غير مطابقة للمواصفات المطلوبة، وهو ما يؤدي إلى تدهور سريع للبنية التحتية بمجرد أول تساقطات مطرية.
لا يمكن الحديث عن تدهور البنية التحتية، حسب المهندس بوراس، دون الإشارة إلى دور المجالس المنتخبة، التي تتحمل مسؤولية الإشراف على هذه المشاريع وضمان جودتها.
والمؤسف في كل ما يجري هو أنه يتم صرف ميزانيات ضخمة على تعبيد الطرق والأزقة والشوارع، لكن بمجرد هطول الأمطار، تنكشف عيوب هذه المشاريع، وكأن الشوارع والأزقة "مصاوبة بالسنيدة".
وللخروج من هذا المأزق، يقترح المهندس بوراس التأمين عن الأشغال، بحيث تتحمل الشركات المنفذة مسؤولية أي خلل أو تدهور سريع للطرقات.
وللخروج من هذا المأزق، يقترح المهندس بوراس التأمين عن الأشغال، بحيث تتحمل الشركات المنفذة مسؤولية أي خلل أو تدهور سريع للطرقات.
فهل أصبح مقدّرا على مدننا أن تعيش مع كل تساقطات مطرية فضائح في طرقاتها، أم أن الجهات المسؤولة ستتحرك لوقف هذا النزيف؟ علما أن العديد من المواطنين غسلوا أيديهم من الأمر، ويعتبرون أن الحل أصبح في باب المستحيلات، لأن في كل مرة تعاد نفس الحكاية، ويتم طي الملف وكأن شيئا لم يكن.